(أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ (٣٧))
(أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ) أي مفاتح خزائن (رَبِّكَ) من الرزق والنبوة وغيرهما فيخصوا من شاؤا بما شاؤا (١) كقولهم أألقي الذكر عليه من بيننا (أَمْ هُمُ) المسيطرون) [٣٧] أي المسلطون الجبارون على الناس فيجبرونهم على ما يشاؤن بل الله يختار من يشاء منهم ، قرئ بالسين والصاد (٢).
(أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ (٣٨))
(أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ) أي سبب منصوب يرتقون عليه إلى السماء (يَسْتَمِعُونَ فِيهِ) الوحي من الله أو من الملائكة فيقولون ما شاؤا ، فان كان كذلك (فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ) فرضا على دعواه (بِسُلْطانٍ مُبِينٍ) [٣٨] أي بحجة واضحة.
(أَمْ لَهُ الْبَناتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ (٣٩))
قوله (أَمْ لَهُ الْبَناتُ) بزعمكم (وَلَكُمُ الْبَنُونَ) [٣٩] تقريع بالخطاب وبيان لفرط جهلهم وغاية حماقتهم بأنهم جعلوا لله ما كرهوا لأنفسهم.
(أَمْ تَسْئَلُهُمْ أَجْراً فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ (٤٠))
(أَمْ تَسْئَلُهُمْ أَجْراً) يا محمد على الإنذار (فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ) أي من غرم وهو ما يجب أداؤه ، يعني من أجله (مُثْقَلُونَ) [٤٠] أي يثقل عليهم فلا يؤمنون لأجل الأجر ، يعني لا عذر لهم أصلا في الامتناع من الإيمان.
(أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ (٤١))
(أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ) أي اللوح المحفوظ فيعلمون منه أن محمدا يكذب وإنه يموت قبلهم (فَهُمْ يَكْتُبُونَ) [٤١] من اللوح المحفوظ ويخبرون الناس أن لا بعث ولا جزاء أو معنى (يَكْتُبُونَ) يحكمون بذلك.
(أَمْ يُرِيدُونَ كَيْداً فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ (٤٢))
(أَمْ يُرِيدُونَ كَيْداً) أي مكرا بك ليهلكوك به وهو كيدهم في دار الندوة بك وبالمؤمنين (فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ) [٤٢] أي المغلوبون المهلكون جزاء كيدهم كما أهلكوا يوم بدر.
(أَمْ لَهُمْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (٤٣))
(أَمْ لَهُمْ إِلهٌ) يستحق العباد (غَيْرُ اللهِ) أو يمنعهم من عذابنا فلذلك (٣) أشركوا به تعالى (سُبْحانَ اللهِ) أي تنزيها لله تعالى (عَمَّا يُشْرِكُونَ) [٤٣] به من الآلهة والاستفهام في جميع هذه الأقوال مع علمه تعالى بأحوالهم للتقبيح عليهم والتوبيخ (٤) لهم ، وقيل : للزجر والوعيد (٥).
(وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّماءِ ساقِطاً يَقُولُوا سَحابٌ مَرْكُومٌ (٤٤))
ثم قال تجهيلا لهم (وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً) أي قطعا (مِنَ السَّماءِ ساقِطاً) عليهم ليعذبوا به (يَقُولُوا) عنادا وجهلا هذا (سَحابٌ مَرْكُومٌ) [٤٤] أي متراكب بعضه على بعض لنرتوي (٦) به بعد ، قالوا لا نؤمن بك حتى تسقط علينا كسفا من السماء فلا يؤمنون من قساوة قلوبهم لو فعلنا ذلك.
__________________
(١) بما شاؤا ، وي : ـ ح.
(٢) «المسيطرون» : قرأ قنبل وهشام وحفص بخلف عنه السين ، وحمزة بخلف عن خلاد باشمام الصاد زايا ، والباقون بالصاد الخالصة وهو الوجه الثاني لحفص وخلاد ، والإشمام لخلاد أصح وجهيه ولا يخفى ترقيق الراء لورش. البدور الزاهرة ، ٣٠٦.
(٣) فلذلك ، وي : لذلك ، ح.
(٤) للتقبيح عليهم والتوبيخ ، وي : التقبيح عليهم وللتوبيخ ، ح.
(٥) ولم أجد له مأخذا في المصادر التفسيرية التي راجعتها.
(٦) لنرتوي ، وي : لترتوي ، ح.