(وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولى فَلَوْ لا تَذَكَّرُونَ (٦٢) أَفَرَأَيْتُمْ ما تَحْرُثُونَ (٦٣) أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ (٦٤))
(وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ) أي الخلقة (الْأُولى) في بطون أمهاتكم (فَلَوْ لا تَذَكَّرُونَ) [٦٢] أي هلا تتعظون فتؤمنون بالبعث (أَفَرَأَيْتُمْ ما تَحْرُثُونَ) [٦٣] أي أخبروني عما تثيرون الأرض وتلقون البذر فيها (أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ) أي تنبتونه (١)(أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ) [٦٤] أي المنبتون ، يعني بل نحن منبتون.
(لَوْ نَشاءُ لَجَعَلْناهُ حُطاماً فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ (٦٥))
(لَوْ نَشاءُ لَجَعَلْناهُ) أي الزرع (حُطاماً) أي هالكا بعد ما بلغ لا يصلح للغذاء (فَظَلْتُمْ) أي فصرتم (تَفَكَّهُونَ) [٦٥] أي تعجبون من يبسه بعد خضرته وتندمون على زرعكم إياه.
(إِنَّا لَمُغْرَمُونَ (٦٦) بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ (٦٧))
(إِنَّا لَمُغْرَمُونَ) [٦٦] بهمزتين محققتين ، إحديهما استفهام إنكار للعذاب الواقع بهم ، وبهمزة واحدة (٢) إخبار باضمار القول ، أي قائلين (٣) إنا لمغرمون ، أي لملزمون غرامة ما أنفقنا ، أي ضمان ما زرعنا من البذر الذي أخذنا من الغير أو المغرم من ذهب ماله بلا عوض أو مهلكون لهلاك زرعنا من الغرام وهو الهلاك (بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ) [٦٧] أي قوم ممنوعون من البخت والحظ في الزرع.
(أَفَرَأَيْتُمُ الْماءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ (٦٨) أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ (٦٩))
(أَفَرَأَيْتُمُ الْماءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ) [٦٨] من العذاب (أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ) أي من السحاب (أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ) [٦٩] عليكم.
(لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجاً فَلَوْ لا تَشْكُرُونَ (٧٠))
(لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجاً) أي مرا مالحا يحرق الفم بحيث لا تقدرون (٤) على شربه ، وحذفت اللام من (جَعَلْناهُ) اختصارا لدلالة الأولى عليها (فَلَوْ لا تَشْكُرُونَ) [٧٠] أي هلا توحدون رب هذه النعم وهلا تطيعون أمره.
(أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ (٧١) أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَها أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤُنَ (٧٢))
(أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ) [٧١] أي تخرجونها بالقدح من الزند والخشب (أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَها) وهي (٥) المرخ (أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤُنَ) [٧٢] أي بل نحن الخالقون لمنفعة الخلق.
(نَحْنُ جَعَلْناها تَذْكِرَةً وَمَتاعاً لِلْمُقْوِينَ (٧٣))
(نَحْنُ جَعَلْناها) أي النار (تَذْكِرَةً) أي للعظة والعبرة من نار جهنم (وَمَتاعاً) أي بلغة ومنفعة (لِلْمُقْوِينَ) [٧٣] أي للذين خلت بطونهم من الطعام ، يعني للمنتفعين (٦) بها من الناس عند الاحتياج ، من أقويت بمعنى جعت (٧) أو للمسافرين لنزولهم القواء وهي الأرض الخالية من العمران ، من أقوى إذا نزل بالقواء وهي القفر.
(فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (٧٤) فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ (٧٥))
(فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ) [٧٤] أي نزه ربك العظيم عما يقول الكفار في شأنه تعالى ، فانهم لا يؤمنون به
__________________
(١) أي تنبتونه ، وي : أي أتنبتونه ، ح.
(٢) «إنا» : قرأ شعبة بهمزتين محققتين ، الأولى مفتوحة والثانية مكسورة ، وغيره بهمزة واحدة مكسورة محققة. البدور الزاهرة ، ٣١٣.
(٣) قائلين ، وي : قائلون ، ح.
(٤) تقدرون ، وي : يقدرون ، ح.
(٥) وهي ، و : وهو ، ح و؛ وانظر أيضا البغوي ، ٥ / ٢٩٩.
(٦) للمنتفعين ، وي : المنتفعين ، ح.
(٧) جعت ، ح و : جعلت ، ي.