الجنة وبالنصب (١) مفعول «وَعَدَ» (وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) [١٠] أي عليم بما أنفقتم قبله أو بعده قليلا أو كثيرا ، رياء أو إخلاصا.
(مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ (١١))
(مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ) أي يعطي فقراء الله وفي سبيله من ماله (قَرْضاً حَسَناً) أي أعطاء مرضيا بالإخلاص وطلب ثواب الله (فَيُضاعِفَهُ) وقرئ «فيضفعه» من التضعيف ، كلاهما بالرفع والنصب (٢)(لَهُ) أي للمقرض يعطيه مثل أجره ويزيده أضعافا كثيرة في الحسنات (وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ) [١١] أي حسن في الآخرة ، قيل : نصب (فَيُضاعِفَهُ) جواب الاستفهام ورفعه بتقدير فهو يضاعفه (٣).
(يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ يَسْعى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ بُشْراكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١٢))
قوله (يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ) نصب على الظرف لقوله (وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ) ، أي يوم تبصرهم على الصراط (يَسْعى نُورُهُمْ) أي نور أعمالهم ، محله نصب على الحال ، لأن (تَرَى) من رؤية العين ، أي ساعيا نورهم (بَيْنَ أَيْدِيهِمْ) أي أمامهم (وَبِأَيْمانِهِمْ) وشمائلهم ، أي من جميع جوانبهم فهو من قبيل الاكتفاء بالبعض ، قوله (بُشْراكُمُ الْيَوْمَ) مبتدأ (جَنَّاتٌ) خبره ، أي يقول لهم الملائكة : بشارتكم اليوم دخول جنات (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها ذلِكَ) أي دخولهم فيها (هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [١٢] أي النجاة الوافرة من عذاب النار.
(يَوْمَ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَراءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بابٌ باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذابُ (١٣))
قوله (يَوْمَ يَقُولُ) بدل من (يَوْمَ) قبل ، أي يوم يقول (الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونا) بقطع الهمزة ، أي أمهلونا ، وبالوصل (٤) ، أي انظروا إلينا (نَقْتَبِسْ) أي نأخذ قبسا (مِنْ نُورِكُمْ) لنمضي معكم ، وذلك إذا غشيتم ظلمة على الصراط عند سرعة الملائكة بالمؤمنين على البراق إلى الجنة كالبرق الخاطف وهولاء مشاة (قِيلَ) استهزاء بهم (ارْجِعُوا وَراءَكُمْ) أي إلى الدنيا (فَالْتَمِسُوا) أي اطلبوا (نُوراً) آخر فلا سبيل لكم إلى هذا النور ، وقد علموا أن لا نور وراءهم ، وإنما هو إقناط لهم من النور فرجعوا (فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ) أي بين المؤمنين والمنافقين (بِسُورٍ) أي بحائط حائل بين شق الجنة وشق النار وهم يرونه (لَهُ بابٌ باطِنُهُ) أي داخله أو داخل السور من قبل المؤمنين (فِيهِ الرَّحْمَةُ) أي الجنة (وَظاهِرُهُ) أي خارج السور (مِنْ قِبَلِهِ) أي من قبل الخارج وهو جهة الكفار (الْعَذابُ) [١٣] أي النار.
(يُنادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قالُوا بَلى وَلكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمانِيُّ حَتَّى جاءَ أَمْرُ اللهِ وَغَرَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ (١٤))
قوله (يُنادُونَهُمْ) حال من الضمير في (بَيْنَهُمْ) ، أي ينادونهم من خارج السور على الصراط في الظلمة (أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ) في الدنيا على دينكم ظاهرا في الصلوات الخمس والجماعات (٥) في المساجد (قالُوا بَلى) قد كنتم معنا في الظاهر (وَلكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ) أي محنتم (أَنْفُسَكُمْ) بالكفر في السر وهو النفاق وأهلكتموها به (وَتَرَبَّصْتُمْ)
__________________
(١) «وكلا» : قرأ ابن عامر برفع اللام ، وغيره بنصبها. البدور الزاهرة ، ٣١٤.
(٢) «فيضاعفه» : قرأ ابن كثير وأبو جعفر بحذف الألف وتشديد العين ورفع الفاء ، وابن عامر ويعقوب كذلك ولكن مع نصب الفاء وعاصم بالألف وتخفيف العين ونصب الفاء ، ونافع وأبو عمرو والأخوان وخلف كذلك ولكن مع رفع الفاء. البدور الزاهرة ، ٣١٤.
(٣) أخذ المؤلف هذا الرأي عن الكشاف ، ٦ / ٨٣.
(٤) «انظرونا» : قرأ حمزة بقطع الهمزة مفتوحة في الحالين مع كسر الظاء ، وغيره بهمزة وصل ساقطة في الدرج ثابتة مضمومة في الابتداء مع ضم الظاء. البدور الزاهرة ، ٣١٤.
(٥) والجماعات ، ح و : والجماعة ، ي.