(كاشِفاتُ) أي مزيلات عني (ضُرِّهِ أَوْ أَرادَنِي) الله (بِرَحْمَةٍ) أي بنعمة وباحسان (هَلْ هُنَّ) أي الأصنام (مُمْسِكاتُ رَحْمَتِهِ) عني بالإضافة وتركها فيها وفي (كاشِفاتُ ضُرِّهِ)(١) ، أي مانعاتها عني ، يعني لا تقدر أصنامكم على شيء ما من الكشف والإمساك ، وفيه توبيخ لهم وتعجيز ، لأنه لا يقدر على ذلك إلا الله (قُلْ حَسْبِيَ اللهُ) أي يكفيني من شركم وشر آلهتكم (عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ) [٣٨] أي عليه يثق الواثقون فأنا متوكل أتوكل عليه.
(قُلْ يا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنِّي عامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (٣٩))
(قُلْ يا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ) أي على قدر طاقتكم وقوتكم (إِنِّي عامِلٌ) في هلاككم ولم يقل إني عامل على مكانتي للاختصاص ، ولأن في ذلك زيادة الوعيد وقوته لأن الله ناصره ومظهره على الدين كله ، وقوله (فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ) [٣٩] من هلك ونجا ، رد لقولهم له إن لم تسكت عن آلهتنا نعمل في إهلاكك.
(مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذابٌ مُقِيمٌ (٤٠))
(مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ) أي عذاب الله (يُخْزِيهِ) أي يهلكه (وَيَحِلُّ) أي ويجب (عَلَيْهِ عَذابٌ مُقِيمٌ) [٤٠] أي دائم لا ينقطع.
(إِنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (٤١))
(إِنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ) أي القرآن بالصدق لتدعو الناس إلى التوحيد والعمل بما فيه (فَمَنِ اهْتَدى) أي وحد وعمل بما فيه فانما يهتدي (فَلِنَفْسِهِ) أي ثواب هداه (٢) راجع لها (وَمَنْ ضَلَّ) أي أعرض ولم يوحد ولم يعمل به (فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها) أي جزاء ضلالته على نفسه (وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ) [٤١] أي بحفيظ تحفظهم عن الضلالة.
(اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرى إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (٤٢))
(اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ) أي يقبضها (حِينَ مَوْتِها) أي وقت موتها لانقضاء أجلها (وَ) يقبض النفس (الَّتِي لَمْ تَمُتْ) أي لم يحكم بموتها لعدم انقضاء أجلها (فِي مَنامِها) أي يقبضها وقت نومها بأن تخرج عن جسدها وهي نفس التمييز ويبقى فيه نفس الحيوة ، إذ النائم يتحرك ويتنفس بها (٣)(فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضى عَلَيْهَا الْمَوْتَ) بعد القبض فلا يردها إلى جسدها (وَيُرْسِلُ الْأُخْرى) أي يرد النفس التي لم يحكم عليها بالموت إلى جسده (إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) أي إلى وقت موتها فللإنسان نفسان ، نفس الحيوة وهي الروح يفارق (٤) بالموت ، ونفس التمييز يفارق (٥) بالنوم ، ويبقى نفس الحيوة والنسبة بينهما كالنسبة بين الشمس وشعاعها (إِنَّ فِي ذلِكَ) أي في إمساك من شاء وإرسال من شاء من الأنفس (لَآياتٍ) أي لعلامات (لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [٤٢] فيستدلون ويعلمون أن القادر على ذلك قادر على البعث والجزاء.
(أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ شُفَعاءَ قُلْ أَوَلَوْ كانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَلا يَعْقِلُونَ (٤٣) قُلْ لِلَّهِ الشَّفاعَةُ جَمِيعاً لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٤٤))
(أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ) أي أاتخذوا من غير إذن الله (شُفَعاءَ) حيث قالوا هؤلاء شفاعاؤنا عند الله فلذلك
__________________
(١) «كاشفات ضره» ، ممسكات رحمته» : قرأ البصريان بتنوين «كاشفات» ونصب راء «ضره» وتنوين «ممسكات» ونصب تاء «رحمته» ، والباقون بترك التنوين فيهما وجر الراء والتاء. البدور الزاهرة ، ٢٧٦.
(٢) هداه ، ح و : عمله ، ي ؛ وانظر أيضا السمرقندي ، ٣ / ١٥٣.
(٣) يتنفس بها ، ح : ينفس بها ، ي ، تنفس بها ، و.
(٤) يفارق ، ح و : تفارق ، ي.
(٥) يفارق ، ح و : تفارق ، ي.