أبائنا ونشهد بصدقهم (١) ، فقال تعالى سنكتب شهادتهم على آبائهم بأنوثة الملائكة في الدنيا (وَيُسْئَلُونَ) [١٩] عنها يوم القيامة فيجازون عليها.
(وَقالُوا لَوْ شاءَ الرَّحْمنُ ما عَبَدْناهُمْ ما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ (٢٠))
(وَقالُوا) أي قال المشركون معتذرين استهزاء وعنادا (لَوْ شاءَ الرَّحْمنُ ما عَبَدْناهُمْ) أي الملائكة وغيرهم (٢) فقال تعالى (ما لَهُمْ بِذلِكَ) أي بذلك القول (مِنْ عِلْمٍ) يعني ليس لهم علم بما قالوه ، لأنهم لو قالوا لو شاء الرحمن معتقدين ذلك لوصفوا (٣) بالعلم ولمدحوا عليه ، لأن المشية لله تعالى (٤) في كل شيء (إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ) [٢٠] أي ما هم إلا يقولون ذلك عن ظن وتخمين سواء طابق الواقع أو خالفه.
(أَمْ آتَيْناهُمْ كِتاباً مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ (٢١) بَلْ قالُوا إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُهْتَدُونَ (٢٢))
ثم زادهم توبيخا بهمزة الإنكار فقال (أَمْ آتَيْناهُمْ) أي أعطيناهم والميم صلة (كِتاباً مِنْ قَبْلِهِ) أي قبل القرآن أو قبل محمد عليهالسلام فيه عبادة غير الله تعالى (فَهُمْ بِهِ) أي بذلك الكتاب (مُسْتَمْسِكُونَ) [٢١] أي آخذون حجة وعاملون بما فيه ، فلما لم يجيبوا أضرب تعالى عنهم بقوله (بَلْ قالُوا إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ) أي على طريقة تقصد وهي ملتهم (وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ) أي على سننهم (مُهْتَدُونَ) [٢٢] أي ذاهبون مستنين.
(وَكَذلِكَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلاَّ قالَ مُتْرَفُوها إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ (٢٣))
(وَكَذلِكَ) أي مثل ذلك القول الصادر لك من قومك (ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها) أي جبابرتها لرسلهم (إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ) [٢٣] أي متبعون بسننهم (٥) وأعمالهم.
(قالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آباءَكُمْ قالُوا إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ (٢٤))
(قالَ) وقرئ «قال» (٦)(أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ) أي قل يا محمد أتتبعون آباءكم ولو جئتكم (بِأَهْدى) أي بدين أصوب وأرشد (مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آباءَكُمْ قالُوا إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ) أي قال جبابرة أهل مكة إنا بما جئتم (بِهِ) أيها الرسل (كافِرُونَ) [٢٤] أي جاحدون عنادا وإن جئتمونا بما هو أهدى.
(فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (٢٥))
(فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ) أي من الجاحدين بالعذاب (فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ) [٢٥] أي آخر أمرهم.
(وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَراءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ (٢٦))
(وَ) اذكر (إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَراءٌ) مصدر بمعنى فعيل ، أي بريء (٧) ، استوى فيه القليل والكثير والذكر والأنثى (مِمَّا تَعْبُدُونَ) [٢٦] أي مما تعبدونه من الأصنام.
(إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ (٢٧))
قوله (٨)(إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي) أي خلقني (٩) ، بدل من المجرور ، يعني إنني بريء من معبودكم إلا من الذي
__________________
(١) عن الكلبي ومقاتل ، انظر البغوي ، ٥ / ٩٥.
(٢) غيرهم ، ح ي : غيره ، و.
(٣) لوصفوا ، ح و : ليوصف ، ي.
(٤) تعالى ، ح : ـ وي.
(٥) بسننهم ، ح و : لسننهم ، ي.
(٦) «قل» : قرأ ابن عامر وحفص بفتح القاف واللام وألف بينهما على أنه فعل ماض ، وغيرهما بضم القاف وإسكان اللام على أنه فعل أمر. البدور الزاهرة ، ٢٨٩.
(٧) أي برئ ، ح و : ـ ي.
(٨) قوله ، وي : ـ ح.
(٩) أي خلقني ، وي : ـ ح.