إذا أظلتهم المحنة ونالتهم الفتنة ؛ ومسّتهم البليّة رجعوا إلى الله بأجمعهم مستعينين ، وبلطفه مستجيرين ، وعن محنتهم مستكشفين (١).
فإذا جاد عليهم بكشف ما نالهم ، ونظر إليهم باللطف فيما أصابهم : إذا فريق منهم ـ لا كلّهم ـ بل فريق منهم بربهم يشركون ؛ يعودون إلى عاداتهم المذمومة فى الكفران ، ويقابلون إحسانه بالنسيان ، هؤلاء ليس لهم عهد ولا وفاء ، ولا فى مودتهم صفاء.
قوله جل ذكره : (لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (٣٤))
أي عن قريب سيحدث بهم مثلما أصابهم ، ثم إنهم يعودون إلى التضرع ، ويأخذون فيما كانوا عليه بدءا من التخشع ، فإذا أشكاهم وعافاهم رجعوا إلى رأس خطاياهم.
قوله جل ذكره : (أَمْ أَنْزَلْنا عَلَيْهِمْ سُلْطاناً فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِما كانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ (٣٥))
بين أنهم بنوا على غير أصل طريقهم ، واتبعوا فيما ابتدعوه أهواءهم ، وعلى غير شرع من الله أو حجة أو بيان أسّسوا مذاهبهم.
قوله جل ذكره : (وَإِذا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِها وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذا هُمْ يَقْنَطُونَ (٣٦))
تستميلهم طوارق أحوالهم ؛ فإن كانت نعمة فإلى فرح ، وإن كانت شدة فإلى قنوط وترح .. وليس وصف الأكابر كذلك ؛ قال تعالى : (لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ) (٢).
__________________
(١) أي راجين كشف الغمة عنهم.
(٢) آية ٢٣ سورة الحديد.