ينظرون إلى الله. وشرط المحسن أن يكون محسنا إلى عباد الله : دانيهم وقاصيهم ، ومطيعهم وعاصيهم.
(الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ) : يأتون بشرائطها في الظاهر من ستر العورة ، وتقديم الطهارة ، واستقبال القبلة ، والعلم بدخول الوقت ، والوقوف في مكان طاهر.
وفي الباطن يأتون بشرائطها من طهارة السّرّ عن العلائق ، وستر عورة الباطن بتنقيته عن العيوب ، لأنها مهما تكن فالله يراها ؛ فإذا أردت ألا يرى الله عيوبك فاحذرها حتى لا تكون. والوقوف في مكان طاهر ، وهو وقوف القلب على الحدّ الذي أذنت في الوقوف فيه مما لا تكون دعوى بلا تحقيق ، ورحم الله من وقف عند حدّه. والمعرفة بدخول الوقت فتعلم وقت التذلّل والاستكانة ، وتميز بينه وبين وقت السرور والبسط ، وتستقبل القبلة بنفسك ، وتعلّق قلبك بالله من غير تخصيص بقطر أو مكان.
قوله جل ذكره : (أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٥))
الذين يقومون بشرط صلاتهم وحقّ آداب عبادتهم هم الذين اهتدوا فى الدنيا والعقبى فسلموا ونجوا.
قوله جل ذكره : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَها هُزُواً أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ (٦))
(لَهْوَ الْحَدِيثِ) : ما يشغل عن ذكر الله (١) ، ويحجب عن الله سماعه. ويقال : هو لغو الظاهر الموجب سهو الضمائر ، وهو ما يكون خوضا في الباطل ، وأخذا بما لا يعنيك.
__________________
(١) اعتاد كثير من المفسرين أن يفسروا اللهو هنا (بالغناء) ، لأجل هذا نلفت النظر إلى عدم صرف القشيري المعنى في هذا الاتجاه ، لأننا نعلم من مذهبه أنه لا يرى بأسا في سماع الغناء ولكن بشرط أن يحرك الوجدان نحو غاية سامية في السماع ، وألا يبعث فيها الهوى والمجون ، وألا يكون مصحوبا بشىء محرّم. (أنظر كتابنا : الإمام القشيري ونزعته في التصوف) ط مؤسسة الحلبي.