ثم لم يرتدع عن فعله ، واغترّ بطول سلامته ، وأمن من هواجم مكره ، وخفايا سرّه .. أخذه بغتة بحيث لا يجد خرجة من أخذته ، قال تعالى : (لا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ إِنَّكُمْ مِنَّا لا تُنْصَرُونَ) (١)
قوله جل ذكره : (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقائِهِ وَجَعَلْناهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ (٢٣))
فلا تكن في مرية من لقائه غدا لنا ورؤيته لنا (٢).
(وَجَعَلْناهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ) :
وهذا محمد صلىاللهعليهوسلم جعل رحمة للعالمين.
قوله جل ذكره : (وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا وَكانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ (٢٤))
لمّا صبروا على طلبنا سعدوا بوجودنا ، وتعدّى مانالوا من أفضالنا إلى متبعيهم ، وانبسط شعاع شموسهم على جميع أهلهم ؛ فهم للخلق هداة ، وفي الدين عيون ، وللمسترشدين نجوم.
قوله جل ذكره : (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (٢٥))
يحكم بينهم ، وعند ذلك يتبين المردود من المقبول ، والمهجور من الموصول ، والرضى من
__________________
(١) آية ٦٥ سورة المؤمنون.
(٢) صرف القشيري الرؤية واللقاء إلى موسى عليهالسلام ، وأنه سيلقى ربه ويراه. بينما يرى قتادة أن المقصود : فلا تكن في شك من لقاء موسى في القيامة وستلقاه ـ أي محمد ـ فيها ، كما لقيته ليلة الإسراء. وعن الحسن : فلا تكن ـ يا محمد ـ فى شك من أنك ستلقى ما لقيه من التكذيب والأذى ، فالهاء عائدة على محذوف.
وقيل إن الكلام متصل بقوله تعالى : قل يتوفاكم ملك الموت» ... فلا تكن في مرية من لقائه ، وجاءت «ولقد آتينا موسى» اعتراضا.