إذا وقعوا على آثارهم ، ولو اتفق هجوم الأعداء عليكم ما كانوا إلا في حرز سيوفهم ودرية (١) رماحهم.
قوله جل ذكره : (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيراً (٢١))
(كانَ) صلة ومعناها : لكم في رسول الله أسوة حسنة ، به قدوتكم ، ويجب عليكم متابعته فيما يرسمه لكم. وأقوال الرسول (ض) وأفعاله على الوجوب إلى أن يقوم دليل التخصيص ، فأما أحواله فلا سبيل لأحد إلى الإشراف عليها ، فإن ظهر شىء من ذلك بإخباره أو بدلالة أقواله وأفعاله عليه فإن كان ذلك مكتسبا من قبله فيلحق في الظاهر بالوجوب بأفعاله وأقواله ، وإن كان غير مكتسب له فهى خصوصية له لا ينبغى لأحد أن يتعرّض لمقابلته لاختصاصه ـ صلىاللهعليهوسلم ـ بعلوّ رتبته (٢).
قوله جلّ ذكره : (وَلَمَّا رَأَ الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزابَ قالُوا هذا ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَما زادَهُمْ إِلاَّ إِيماناً وَتَسْلِيماً (٢٢))
كما أنّ المنافقين اضطربت عقائدهم عند رؤية الأعداء ، فالمؤمنون وأهل اليقين ازدادوا ثقة ، وعلى الأعداء جرأة ، ولحكم الله استسلاما ، ومن الله قوة.
قوله جل ذكره : (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً (٢٣))
شكر صنيعهم في المراس ، ومدح يقينهم عند شهود البأس ، وسماهم رجالا إثباتا
__________________
(١) الدرية ما يستتر به الصائد من الصيد فيرميه إذا أمكنه.
(٢) يفيد هذا الكلام في توضيح نظرة هذا الباحث إلى السنّة كمصدر أساسى من مصادر التشريع ، فالسّنّة أقوال وأفعال وأحوال ، منها ما يصلح العموم ، ومنها ما يختص به الرسول نفسه.