(لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلاَّ ما مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيباً (٥٢))
لما اخترتهنّ أثبت الله لهن حرمة ، فقال : (لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ) فكما اخترنك فلا تختر عليهن امرأة أخرى تطبيبا لقلوبهن ، ونوعا للمعادلة بينه وبينهن ، وهذا يدل على كرمه ـ والحفاظ كرم ودين (١).
قوله جل ذكره : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلى طَعامٍ غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ وَلكِنْ إِذا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا ...) الآية.
أمرهم بحفظ الأدب في الاستئذان ، ومراعاة الوقت ، ووجوب الاحترام ؛ فإذا أذن لكم فادخلوا على وجه الأدب ، وحفظ أحكام تلك الحضرة ، وإذا انتهت حوائجكم فاخرجوا ، ولا تتغافلوا عنكم ، ولا يمنعنّكم حسن خلقه من حفظ الأدب ، ولا يحملنّكم فرط احتشامه على إبرامه (٢).
(فَإِذا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذلِكُمْ كانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ) : حسن خلقه ـ صلىاللهعليهوسلم ـ جرّهم إلى المباسطة معه ، حتى أنزل الله هذه الآية.
(وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتاعاً فَسْئَلُوهُنَّ مِنْ وَراءِ حِجابٍ ذلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ) : نقلهم عن مألوف العادة إلى معروف الشريعة ومفروض العبادة ، وبيّن أن البشر بشر ـ وإن كانوا من الصحابة ، فقال :
(ذلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ)
__________________
(١) ضبطناها هكذا (دين) بفتح الدال وتسكين الياء فبها يستقيم المعنى ويقوى السياق.
(٢) أي إضجاره وإملاله.