فلا ينبغى لأحد أن يأمن نفسه ـ ولهذا يشدّد الأمر في الشريعة بألا يخلو رجل بامرأة ليس بينهما محرمة.
(وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذلِكُمْ كانَ عِنْدَ اللهِ عَظِيماً) (١).
وهذا من خصائصه ـ صلىاللهعليهوسلم ، وفي هذا شبه رخصة لمن يلاحظ شيئا من هذا ، فيهتم بالاتصال من له ميل إليهنّ بغيرهن بعد وفاته ـ وإن كان التحرّز عنه ـ وعن أمثال هذا من ترك الحظوظ ـ أتمّ وأعلى.
قوله جل ذكره : (إِنْ تُبْدُوا شَيْئاً أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللهَ كانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً (٥٤))
حفظ القلب مع الله ، ومراعاة الأمر ـ بينه وبين الله ـ على الصّحة في دوام الأوقات لا يقوى عليه إلا الخواصّ من أهل الحضور.
قوله جل ذكره : (لا جُناحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبائِهِنَّ وَلا أَبْنائِهِنَّ وَلا إِخْوانِهِنَّ وَلا أَبْناءِ إِخْوانِهِنَّ وَلا أَبْناءِ أَخَواتِهِنَّ وَلا نِسائِهِنَّ ...) الآية.
لما نزلت آية الحجاب شقّ عليهن وعلى النسوان وعلى الرجال في الاستتار ، فأنزل الله عزوجل هذه الآية للرخصة في نظر هؤلاء إلى النساء ، ورؤية النساء لهم على تفصيل الشريعة.
__________________
(١) يستند القرطبي إلى رواية نقلها أبو نصر عبد الرحمن القشيري ـ ابن القشيري صاحب هذا الكتاب ـ عن ابن عباس الذي يقول : قال رجل من سادات قريش من العشرة الذين كانوا مع الرسول على حراء ـ فى نفسه ـ لو توفى الرسول لتزوجت عائشة ، وهي بنت عمى. قال مقاتل : هو طلحة بن عبيد الله. ولكن هذا الرجل ندم على ما حدثت به نفسه ، فمشى إلى مكة على رجليه وكفّر بالتصدق وعتق الرقيق. (القرطبي ج ١٤ ص ٢٢٨).