قوله جل ذكره : (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً (٥٦))
أراد الله ـ سبحانه ـ أن تكون للأمة عنده ـ صلىاللهعليهوسلم ـ يد خدمة كما له بالشفاعة عليهم يد نعمة ، فأمرهم بالصلاة عليه ، ثم كافأ ـ سبحانه عنه ؛ فقال صلىاللهعليهوسلم : من صلّى عليّ مرة صلى الله عليه عشر مرات. وفي هذا إشارة إلى أن العبد لا يستغنى عن الزيادة من الله في وقت من الأوقات ؛ إذ لا رتبة فوق رتبة الرسول ، وقد احتاج إلى زيادة صلوات الأمّة عليه.
قوله جل ذكره : (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً (٥٧) وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً (٥٨))
يؤذون الله ورسوله بعمل المعاصي التي يستحقون بها العقوبة ، ويؤذون أولياءه. ولمّا قال : من يطع الرسول فقد أطاع الله ، فكذلك من آذى رسوله وأنبياءه عليهمالسلام والمؤمنين فقد آذاه ، ومعناه تخصيص حالتهم وإثبات رتبتهم.
ثم ذكر قوله : (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ ..) وذكر عقوبتهم ، فجعل إيذاء الرسول مقرونا بما ذكر من إيذاء الله ، ثم ذكر إيذاء المؤمنين ، ويدلّ ذلك على أن رتبة المؤمنين دون رتبة الرسول صلىاللهعليهوسلم (١).
قوله جل ذكره : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ وَبَناتِكَ وَنِساءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ
__________________
(١) فى هذا رد ضمنى على من يدعى الوصول ، ويجهر بأن لواء الأنبياء يعقد له في معاريجه ، وأن الأنبياء أدنى من الأولياء.