فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ (٥))
وعد الله حقّ في كل ما أخبر به أنه يكون ، فوعده في القيامة حقّ ، ووعده لمن أطاعه بكفاية الأمور والسلامة حقّ ، ووعده للمطيعين في الآخرة بوجود الكرامة حقّ ، وللعاصين بالندامة حقّ ، فإذا علم العبد ذلك استعدّ للموت ، ولم يهتم بالرزق ، فيكفيه الله شغله ، فينشط العبد في استكثار الطاعة ثقة بالوعد ، ولا يلمّ بالمخالفات خوفا من الوعيد.
قوله جل ذكره : (إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّما يَدْعُوا حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحابِ السَّعِيرِ (٦))
عداوة الشيطان بدوام مخالفته ؛ فإنّ من الناس من يعاونه بالقول ولكن يوافقه بالفعل ، ولن تقوى على عداوته إلا بدوام الاستغاثة بالربّ ، وتلك الاستغاثة تكون بصدق الاستعانة ، والشيطان لا يفتر في عداوتك ، فلا تغفل أنت عن مولاك لحظة فيبرز لك عدوّك ؛ فإنه أبدا متمكّن لك.
(إِنَّما يَدْعُوا حِزْبَهُ) وحزبه هم المعرضون عن الله ، المشتغلون بغير الله ، الغافلون عن لله. ودليل هذا الخطاب : إن الشيطان عدوّكم فأبغضوه واتخذوه عدوا ، وأنا وليّكم وحبيبكم فأحبّونى وارضوا بي حبيبا.
قوله جل ذكره : (الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (٧))
الذين كفروا لهم عذاب معجل وعذاب مؤجّل ، فمعجّله تفرقة قلوبهم وانسداد بصائرهم ووقاحة همّتهم حتى أنهم يرضون بأن يكون الصنم معبودهم. وأمّا عذاب الآخرة فهو ما لا تخفى على مسلم ـ على الجملة ـ صعوبته.