قوله جل ذكره : (يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ ما يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ (١٣))
تغلب النّفس مرة على القلب ، ويغلب القلب مرة على النّفس. وكذلك القبض والبسط فقد يستويان ، ومرة يغلب القبض على البسط ، ومرة يغلب البسط على القبض ، وكذلك الصحو والسّكر ، وكذلك الفناء والبقاء.
وسخّر شموس التوحيد وأقمار المعرفة على ما يريد من إظهاره على القلوب.
(ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ) : فأرونى شظية من النفي أو الإثبات لما تدعونه من دونه! وإذ لم يمكنكم ذلك .. فهلّا أقررتم ، وفي عبادته أخلصتم ، وعن الأصنام تبرّأتم؟.
قوله جل ذكره : (إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ (١٤))
إن استعنتم بأصنامكم لا يعينوكم ، وإن دعوتموهم لا يسمعوا دعاءكم ، ولو سمعوا ـ على جهة ضرب المثل ـ لا يستجببون لكم ؛ لأنهم لا يملكون نفع أنفسهم .. فكيف يملكون نفع غيرهم؟!
(وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ) : لا يؤمنون إلا في ذلك الوقت ، ولكن لا ينفعهم الإيمان بعد زوال التكليف.
قوله جل ذكره : (يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللهِ وَاللهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (١٥))
الفقر على ضربين : فقر الخلقة وفقر الصفة ؛ فأمّا فقر الخلقة فهو عامّ لكلّ أحد ؛ فكلّ مخلوق مفتقر إلى خالقه ، فهو قد حصل من العدم ، فهو مفتقر إليه ليبديه وينشيه ، ثم بعد