فتظاهر أمام من تقدّمه حالا بانه عاهد الله ، وأنه أكد عقده مع الله .. فإذا عضّته شهوته ، وأراد الشيطان أن يكذبه صرعه بكيده ، وأركسه في هوة غيّه ، ومنية نفسه ؛ فيسودّ وجهه ، وتذهب عند الله وجاهته (١).
قوله جل ذكره : (أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَكانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَما كانَ اللهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كانَ عَلِيماً قَدِيراً (٤٤))
فى الجملة ما خاب له وليّ ، وما ربح له عدوّ ، ولا ينال الحقيقة من انعكس قصده ، بل يرتدّ عليه كيده ؛ وهو سبحانه يدمّر على أعدائه تدميرا ، ويوسع لأوليائه فضلا كبيرا.
قوله جل ذكره : (وَلَوْ يُؤاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِما كَسَبُوا ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ وَلكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللهَ كانَ بِعِبادِهِ بَصِيراً (٤٥))
لو عجّل لهم ما يستوجبونه من الثواب والعقاب لم تف أعمارهم القليلة به ، وما اتسعت أيامهم القصيرة له ، فأخّر ذلك ليوم الحشر .. فإنّه طويل. والله على كل شىء قدير ، وبأمور عباده خبير بصير.
__________________
(١) هكذا في م وهي في ص (ماء وجهه) أي حياؤه ، وقد آثرنا ما جاء في م لملاءتها السياق.