لمّا لم يحتشموا من وصفه ـ سبحانه ـ بما لا يليق بحلاله لم يبالوا بما أطلقوه من المثالب في وصف أنبيائه.
قوله جل ذكره : (وَما تُجْزَوْنَ إِلاَّ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٣٩) إِلاَّ عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ (٤٠))
الاستثناء راجع إلى قوله : إنكم لذائقوا العذاب الأليم
ويقال الإخلاص إفراد الحقّ ـ سبحانه ـ بالعبودية ، والذي يشوب عمله رياء فليس بمخلص.
ويقال : الإخلاص تصفية العمل عن ملاحظة المخلوقين ، وفي الخبر : يا معاذ ، أخلص العمل يكفيك القليل منه.
ويقال : الإخلاص فقد رؤية الأشخاص (١).
ويقال : هو أن يلاحظ محل الاختصاص.
ويقال : هو أن تنظر إلى نفسك بعين الانتقاص.
قوله جل ذكره : (أُولئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَعْلُومٌ فَواكِهُ وَهُمْ مُكْرَمُونَ)
لهم رزق معلوم لأوقات معينة ، وفي وقت الرسول عليهالسلام من كان له رزق معلوم كان من جملة المياسير ، وهذه صفة أهل الجنة ؛ فلهم في الآخرة رزق معلوم لأبشارهم ولأسرارهم ، فالأغنياء لهم رزق معلوم لأنفسهم (٢) ، والفقراء (٣) لهم رزق معلوم لقلوبهم وأسرارهم.
فواكه وهم مكرمون : من ذلك ورود الرسول عليهم من قبل الله في كل وقت ، وكذلك اليوم الخطاب وارد من الله على قلوب الخواص في كل وقت بكلّ أمر.
__________________
(١) أي لا يكون هناك حساب للمخلوقين.
(٢) رزق النفوس لأغنياء الأموال.
(٣) وزرق القلوب لأرباب الأحوال.