قوله جل ذكره : (أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ (٥))
لم تباشر خلاصة التوحيد قلوبهم ، وبعدوا عن ذلك تجويزا ، فضلا عن أن يكون إثباتا وحكما ، فلا عرفوا الإله ولا معنى الإلهية ؛ فإنّ الإلهية هي القدرة على الاختراع. وتقدير قادرين على الاختراع غير صحيح لما يجب من وجود التمانع بينهما وجوازه ، ثم إنّ ذلك يمنع من كمالهما ، ولو لم يكونا كاملى الوصف لم يكونا إلهين ، وكلّ أمر جرى ثبوت سقوطه فهو مطروح باطل.
قوله جل ذكره : (وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هذا لَشَيْءٌ يُرادُ (٦))
إذا تواصى الكفار فيما بينهم بالصبر على آلهتهم ، فالمؤمنون أولى بالصبر على عبادة معبودهم والاستقامة في دينهم.
قوله جلّ ذكره : (ما سَمِعْنا بِهذا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هذا إِلاَّ اخْتِلاقٌ (٧))
ركنوا إلى السوء والعادة ، وما وجدوا عليه أسلافهم من الضلالة ، واستناموا إلى التقليد والهوادة.
قوله جل ذكره : (أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنا بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذابِ (٨))
أي لو استبصروا في دينهم لما أقدموا على ما أسرفوا فيه من جحودهم ، ولو لا أنّا أدمنا لهم العوافي لما تفرّغوا إلى طغيانهم (١).
__________________
(١) قال تعالى : الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون وقال تعالى : (مَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلا هادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ) تلك هي الحكمة الإلهية في إمهالهم.