(أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ (٩))
أي : هؤلاء الكفار الذين عارضوا أو نازعوا ، وكذّبوا واحتجّوا .. أعندهم شىء من هذه الأشياء؟ أم هل هم يقدرون على شىء من هذه الأشياء فيفعلوا ما أرادوا ، ويعطوا من شاءوا ، أو يرتقوا إلى السماء فيأتوا بالوحى على من أرادوا؟
(جُنْدٌ ما هُنالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الْأَحْزابِ (١١))
بل هم جند من الأحزاب المتحزبين. كلّهم عجزة لا يقدرون على ذلك ، مهزومون. شبّههم في بقائهم عن مرادهم بالمهزومين ؛ فإن هؤلاء الكفار ليس معهم حجّة ، ولا لهم قوة ، ولا لأصنامهم أيضا من النفع والضر مكنة ، ولا في الردّ والدفع عن أنفسهم قدرة.
قوله جل ذكره : (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتادِ (١٢) ...) الآيات.
ذكر هؤلاء الأقوام في هذا الموضع على الجمع ، وفي غير هذا الموضع على الإفراد (١) ، وفي كل موضع فائدة زائدة في الفصاحة والإفادة بكل وجه. ثم قال :
(إِنْ كُلٌّ إِلاَّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقابِ (١٤))
أي ما كان منهم أحد إلّا كذّب الرسل فحقّت العقوبة عليه ، واستوجب العذاب. ثم قال :
(وَما يَنْظُرُ هؤُلاءِ إِلاَّ صَيْحَةً واحِدَةً ما لَها مِنْ فَواقٍ (١٥))
أي ليسوا ينتظرون إلا القيامة ، وما هي إلا صيحة واحدة ، وإذا قامت فإنها لا تسكن.
__________________
(١) المقصود بالجمع والإفراد هنا الجملة والتفصيل.