قوله جل ذكره : (وَقالُوا رَبَّنا عَجِّلْ لَنا قِطَّنا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسابِ (١٦))
اصبر ـ يا محمد ـ على ما يقولون ، فإنه لن تطول مدّتهم ، ولن نمدّ ـ فى مقاساتك أذاهم ـ لبثك ومكثك ، وعن قريب سينزل الله نصره ، ويصدق لك بالتحقيق وعده.
قوله جل ذكره : (اصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ (١٧))
(ذَا الْأَيْدِ) أي ذا القوة ، ولم تكن قوّته قوة نفس ، وإنما كانت قوته قوة فعل ؛ كان يصوم يوما ويفطر يوما ـ وهو أشدّ الصوم ، وكان قويا في دين الله بنفسه وقلبه وهمته.
(أَوَّابٌ) رجّاع (١).
قوله جل ذكره : (إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْراقِ (١٨) وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ (١٩))
(٢) كان داود يسبّح ، والجبال تسبّح ، وكان داود يفهم تسبيح الجبال على وجه تخصيص له بالكرامة والمعجزة.
وكذلك الطير كانت تجتمع له فتسبّح الله ، وداود كان يعرف تسبيح الطير ؛ وكلّ من تحّقق بحاله ساعده كلّ شىء كان بقربه ، ويصير غير جنسه بحكمه ، وفي معناه أنشدوا :
ربّ ورقاء هتوف بالضّحى |
|
ذات شجو صرخت في فنن |
ذكرت إلفا ودهرا صالحا |
|
وبكت شوقا فهاجت حزنى |
فبكائى ربّما أرّقها |
|
وبكاها ربما أرّقنى |
ولقد تشكو فما أفهمها |
|
ولقد أشكو فما تفهمنى |
غير أنى بالجوى أعرفها |
|
وهي أيضا بالجوى تعرفنى |
__________________
(١) من (آب) يثوب إذا رجع ، فكان داود رجّاعا إلى طاعة الله ورضاه في كل أمر فهو أهل لأن يقتدى به (القرطبي ج ١٥ ص ١٥٩).
(٢) يرى ابن عباس أن (الإشراق) معناه صلاة الضحى إذ هي بعد طلوع الشمس.