الله لها لبراءة ساحتها ، وصبرها على خدمته. وسبب يمينه أنه لما قال لها إبليس : اسجدي لى ؛ أخبرت أيوب بذلك ، فغاظه حيث سمعت من إبليس ذلك وظنّت أنه صادق. وقيل باعث ذوائبها برغيفين حملتهما إليه فتوهّم في ذلك ريبة ، وكان أيوب يتعلّق بذوائبها (إذا أراد القيام). وقيل رابه شىء منها فحلف (أن يضربها بعد شفائه).
(إِنَّا وَجَدْناهُ صابِراً ..) : والصبر ألا تعترض على التقدير.
ويقال الصبر الوقوف تحت الحكم. ويقال التلذّذ بالبلاء ، واستعذابه دون استصعابه. ويقال الصبر الوقوف مع الله بحسن الأدب.
ولم ينف قوله (مَسَّنِيَ الضُّرُّ) اسم الصبر عنه ؛ لأنّ ذلك لم يكن على وجه الشكوى ، ولأنه كان مرة واحدة ، وقد وقف الكثير من الوقت ولم يقل مسّنى الضّرّ ؛ فكان الحكم للغالب.
(نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ) لم يشغله البلاء عن المبلى. ونعم العبد لأنه خرج من البلاء على الوجه الذي دخل فيه.
قوله جل ذكره : (وَاذْكُرْ عِبادَنا إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصارِ (٤٥) إِنَّا أَخْلَصْناهُمْ بِخالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ (٤٦))
(أُولِي الْأَيْدِي) : أي القوة (١). (وَالْأَبْصارِ) أي البصائر.
(إِنَّا أَخْلَصْناهُمْ بِخالِصَةٍ) : أي بفضيلة خالصة وهي ذكر الجنة والنار ، أو بدعاء الناس إلى الجنة والهرب من النار. ويقال بسلامة القلب من ذكر الدارين ؛ فلا يكون العمل على ملاحظة جزاء. ويقال تجردوا لنا بقلوبهم عن ذكرى الدار ، (وَإِنَّهُمْ عِنْدَنا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيارِ).
قوله جل ذكره : (وَاذْكُرْ إِسْماعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِنَ الْأَخْيارِ (٤٨))
__________________
(١) يرى الطبري أن (الأيدى هنا معناها : النعم والإحسان لأنهم قد أحسنوا وقدموا الخير).