قوله جل ذكره : (لَوْ أَرادَ اللهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لاصْطَفى مِمَّا يَخْلُقُ ما يَشاءُ سُبْحانَهُ هُوَ اللهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ (٤))
خاطبهم على قدر عقولهم وعقائدهم حيث قالوا : المسيح ابن الله ، وعزيز ولد الله ؛ فقال : لو أراد أن يتّخذ ولدا للتبنّى والكرامة لاختار من الملائكة الذين هم منزّهون عن الأكل والشرب وأوصاف الخلق.
ثم أخبر عن تقدّسه عن ذلك فقال : (سُبْحانَهُ هُوَ اللهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ) تنزيها له عن اتخاذ الأولاد .. لا في الحقيقة لاستحالة معناه في نعته ، ولا بالتبنى لتقدّسه عن الجنسية والمحالات ، وإنما يذكر ذلك على جهة استبعاد ؛ إذ لو كان ذلك فكيف كان يكون حكمه؟ كقوله تعالى : (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا) (١).
قوله جل ذكره : (خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ)
أي خلقهما وهو محقّ في خلقهما.
(يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهارِ وَيُكَوِّرُ النَّهارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى)
يدخل الليل على النهار ، ويدخل النهار على الليل في الزيادة والنقصان ، وسخّر الشمس والقمر. وقد مضى فيما تقدم اختلاف أحوال العبد في القبض والبسط ، والجمع والفرق ، والأخذ والرد ، والصحو والسّكر ، ونجوم العقل وأقمار العلم ، وشموس المعرفة ونهار التوحيد ، وليالى الشّكّ والجحد ونهار الوصل ، وليالى الهجر والفراق وكيفية اختلافها ، وزيادتها ونقصانها.
(أَلا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ الْعَزِيزُ)
المتعزّز على المحبين ، (الْغَفَّارُ) للمذنبين.
__________________
(١) آية ٢٢ سورة الأنبياء.