إذا ظهر البرهان واتّضح البيان استسلمت الألباب الصاحية للاستجابة والإيمان.
فأمّا أهل الكفر فلهم على الجمود إصرار ، وشؤم شركهم يحول بينهم وبين الإنصاف ... وكذلك من لا يحترمون أولياء الله ، ويصرّون على إنكارهم ، ويعترضون عليهم بقلوبهم ، ويجادلون في جحد الكرامات ، وما يخصّ الله به عباده من الآيات ... فهؤلاء لا يميزون بين رجحانهم ونقصانهم ، وسيفتضحون كثيرا.
قوله جل ذكره : (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزابُ مِنْ بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجادَلُوا بِالْباطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ عِقابِ (٥))
كذلك من انقرض من الكفار كان تكذيب الرّسل دأبهم ، ولكنّ الله ـ سبحانه ـ انتقم منهم ، وعلى كفرهم اخترمهم.
والمنكر لهذا الطريق (١) يدين بإنكاره ، ويتقرّب إلى الله به ، ويعد وقيعته في أولياء الله من جملة إحسانه وخيراته ، ولكن الله ـ سبحانه ـ يعذبهم في العاجل بتخليتهم فيما هم فيه ، وصدّ قلوبهم عن هذه المعاني ، وحرمانهم منها.
قوله جل ذكره : (وَكَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحابُ النَّارِ (٦))
إذا انختم على عبد حكم الله بشقاوته فلا تنفعه كثرة ما يورد عليه من النّصح .. والله على أمره غالب .. ومن أسرته يد الشقاوة فلا يخلّصه من مخالها جهد ولا سعاية.
قوله جل ذكره : (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ
__________________
(١) يقصد الطريق الصوفي.