والحياة والموت ، والمحو والإثبات (١).
قوله جل ذكره : (هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آياتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ رِزْقاً وَما يَتَذَكَّرُ إِلاَّ مَنْ يُنِيبُ (١٣))
يريهم آيات فضله فيما يلاطفهم ، ويريهم آيات قهره فيما يكاشفهم ، ويريهم آيات عفوه إذا تنصّلوا (٢) ، وآيات جوده إذا توسّلوا ، وآيات جلاله إذا هابوا فغابوا ، وآيات جماله إذا آبوا واستجابوا. (وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ رِزْقاً) لأبدانكم وهو توفيق المجاهدات ، ولقلوبكم وهو تحقيق المشاهدات ، (ولأسراركم وهو فنون المواصلات والزيادات) (٣).
(وَما يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَنْ يُنِيبُ) : يرجع من العادة إلى العبادة ، ومن الشّكّ إلى اليقين ، ومن الخلق إلى الحقّ ، ومن الجهل إلى العلم ، ومن النّكرة إلى العرفان.
قوله جل ذكره : (فَادْعُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ (١٤))
شرط الدعاء تقديم المعرفة لتعرف من الذي تدعوه ، ثم تدعو بما تحتاج إليه ممّا لا بدّ لك منه ، ثم تنظر هل أعطاك ما تطلب وأنت لا تدرى؟ والواجب ألا تطلب شيئا تكون فيه مخالفة لأمره ، وأن تتباعد عن سؤالك الأشياء الدّنيّة والدنيوية ، وأن ترضى بما يختاره لك مولاك. ومن الإخلاص في الدعاء ألا ترى الإجابة إلّا منه ، وألا ترى لنفسك استحقاقا إلا بفضله ، وأن تعلم أنه إن بقيت في سؤالك عن مطلوبك ـ الذي هو حظّك ـ لا تبق عن عبادة ربّك ـ التي هي حقّه ؛ فإنّ الدعاء مخّ العبادة ، ومن الإخلاص في الدعاء أن
__________________
(١) فالموت بالقبض والفناء والمحو ، والحياة بالبسط والبقاء والإثبات. ونحسب أن الكلام الموجود بين القوسين الكبيرين يتصل بالآية السابقة نظرا لتلاؤم تقليب الأحوال مع الإماتة والإحياء وكنا نريد أن نضعه في مكانه حسبما رأينا لو لا أنه موضوع هنا في م وص. ويبدو أن القشيري اعتبر الآيتين كيانا عضويا واحدا ، فجاءت الإشارة منها جميعا.
(٢) أي تنصلوا من ذنوبهم.
(٣) ما بين القوسين موجود في م وساقط في ص.