الْحَناجِرِ كاظِمِينَ ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ (١٨))
قيامه الكلّ مؤجلّة ، وقيامة المحبين معجّلة ؛ فلهم في كلّ نفس قيامة من العقاب والعذاب والثواب ، والبعاد والاقتراب ، وما لم يكن لهم في حساب (١) ، وتشهد عليهم الأعضاء ؛ فالدمع يشهد ، وخفقان القلب ينطق ، والنحول يخبر ، واللون يفصح ... والعبد يستر ولكن البلاء يظهر :
يا من تغيّر صورتى لمّا بدا |
|
لجميع ما ظنّوا بنا تصديقا (٢) |
وأنشدوا :
لى في محبته شهود أربع |
|
وشهود كلّ قضية اثنان |
ذوبان جسمى وارتعاد مفاصلى |
|
وخفوق قلبى واعتقال لسانى |
وقلوبهم ـ إذا أزف الرحيل بلغت الحناجر ، وعيونهم شرقت بدموعها إذا نودى بالرحيل وشدّت الرواحل.
قوله جل ذكره : (يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَما تُخْفِي الصُّدُورُ (١٩))
فحائنة أعين المحبين استحسانهم شيئا ، ولهذا قالوا :
يا قرّة العين : سل عينى هل اكتحلت |
|
بمنظر حسن مذ غبت عن بصرى؟ |
ولذلك قالوا :
فعينى إذا استحسنت غيركم |
|
أمرت السّهاد بتعذيبها |
__________________
(١) أي وما لم يخطر لهم ببال.
(٢) معنى الشاهد الشعرى فيما نظن : يا أيها الذي تتغير صورتى عند تجليه عليّ ، فينكشف أمرى رغم محاولتى ستر حالى ، وبذا تصدق ظنون العاذلين واللائمين.