قوله جل ذكره : (فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ (٥٥))
الصبر في انتظار الموعود من الحقّ على حسب الإيمان والتصديق ؛ فمن كان تصديقه ويقينه أتمّ وأقوى كان صبره أتمّ وأوفى.
(إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ) : وهو ـ سبحانه ـ يعطى وإن توهّم العبد أنه يبطى.
ويقال الصبر على قسمين : صبر على العافية ، وصبر على البلاء ، والصبر على العافية أشدّ من الصبر على البلاء ، فصبر الرجال على العافية وهو أتمّ الصبر (١).
(وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ). وفي هذا دليل على أنه كانت له ذنوب ، ولم يكن جميع استغفاره لأمته لأنه قال في موضع آخر (وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ) (٢) وهنا لم يذكر ذلك. ويمكن حمل الذّنب على ما كان قبل النبوة ؛ إذ يجوز أن يكون العبد قد تاب من الزّلّة ثم يجب عليه الاستغفار منها كلما ذكرها ، فإن تجديد التوبة يجب كما يجب أصل التوبة (٣).
قوله جل ذكره : (إِنَّ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلاَّ كِبْرٌ ما هُمْ بِبالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (٥٦))
(بِغَيْرِ سُلْطانٍ) : أي بغير حجة.
(إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ) أي ليس في صدورهم إلا كبر يمنعهم عن الانقياد للحق ، ويبقون به عن الله ، ولا يصلون إلى مرادهم.
__________________
(١) لأن قوة الإنسان قد تنسيه ذكر المنعم فيصبر عنه ـ وهذا جفاء ، ولكن ضعف الإنسان في البلاء يدعوه إلى الصبر في الله ، قال قائلهم :
والصبر عنك فمذموم عواقبه |
|
والصبر في سائر الأشياء محمود |
(٢) آية ١٩ سورة محمد.
(٣) تفيد هذه الآراء عند بحث قضية كلامية هى : عصمة الأنبياء.