(وَبارَكَ فِيها) : البركة الزيادة .. فيأتيهم المطر ببركات الأولياء ، ويندفع عنهم البلاء ببركات الأولياء.
(وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها) : وجعلها مختلفة في الطّعم والصورة والمقدار. وأرزاق القلوب والسرائر كما مضى ذكره فيما تقدم.
قوله جل ذكره : (ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ (١١))
(اسْتَوى) أي قصد ، وقيل فعل فعلا هو الذي يعلم تعيينه (١).
ويقال رتّب أقطارها ، وركّب فيها نجومها وأزهارها.
(فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ) : هذا على ضرب المثل ؛ أي لا يتعسّر عليه شىء مما خلقه ، فله من خلقه ما أراده. وقيل بل أحياهما وأعقلهما وأنطقهما فقالتا ذلك. وجعل نفوس العابدين أرضا لطاعته وعبادته ، وجعل قلوبهم فلكا لنجوم علمه وشموس معرفته.
وأوتاد النفوس الخوف والرجاء ، والرغبة والرهبة. وفي القلوب ضياء العرفان ، وشموس التوحيد ، ونجوم العلوم والعقول والنفوس. والقلوب بيده يصرّفها على ما أراد من أحكامه.
قوله جل ذكره : (فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحى فِي كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها وَزَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ وَحِفْظاً ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (١٢))
__________________
(١) تقول الغرب : فعل فلان كذا ثم استوى إلى عمل كذا ؛ يريدون أنه أكمل الأول وابتدأ الثاني ، ويفهم منه أن خلق السماء كان بعد خلق الأرض (النسفي ح ٤ ص ٨٩).
ومن قال إنه صفة ذاتية زائدة تكون على معنى استوى في الأزل بصفاته (القرطبي ح ١٥ ص ٣٤٣)
وعلى الرأى الأول يكون الاستواء من صفات الفعل وعلى الثاني يكون من صفات الذات.