(مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ) : وفي ذلك مساغ لآمال المذنبين ؛ لأنهم هم الذين يحتاجون إلى المغفرة ، ولو لا رحمته لما وصلوا إلى مغفرته.
قوله جل ذكره : (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعا إِلَى اللهِ وَعَمِلَ صالِحاً وَقالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٣٣))
أي لا أحد أحسن قولا منه ، ويكون المراد منه النبي صلىاللهعليهوسلم. ويحتمل أن يكون جميع الأنبياء عليهمالسلام.
ويقال هم المؤمنون. ويقال هم الأئمة الذين يدعون الناس إلى الله.
وقيل هم المؤذنون. ويقال الداعي إلى الله هو الذي يدعو الناس إلى الاكتفاء بالله وترك طلب العوض من الله ، ويكل أمره إلى الله ، ويرضى من الله بقسمة الله.
(وَعَمِلَ صالِحاً) : أي كما يدعو الخلق إلى الله يأتى بما يدعوهم إليه.
ويقال هم الذين عرفوا طريق الله ، ثم سلكوا طريق الله ، ثم دعوا الناس إلى الله.
ويقال بل سلكوا طريق الله ؛ فبسلوكهم وبمنازلاتهم عرفوا الطريق إلى الله ، ثم دعوا الخلق إليه بعد ما عرفوا الطريق إليه.
(وَقالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) : المسلمون لحكمه هم الراضون بقضائه وتقديره.
قوله جل ذكره : (وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (٣٤))
ادفع بالخصلة التي هي أحسن السيئة يعنى بالعفو عن المكافأة ، وبالتجاوز والصفح عن الزلة ، وترك الانتصاف (١).
(فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) يشبه الوليّ الحميم ـ ولم يصر وليا مخلصا .. وهذا من جملة حسن الأدب في الخدمة في حقّ صحبتك مع الله ؛ تحلم مع عباده لأجله.
__________________
(١) هذه الأوصاف التي ذكرها القشيري من أمارات الفتوة ـ كما ورد في الفصل الذي عقده لها فى «رسالته».