ـ بسبب بقاء التناسل ـ جميع الحيوانات أجناسا.
(يَذْرَؤُكُمْ) : يكثر خلقكم. (فِيهِ) الهاء تعود إلى البطن أي في البطن ، وقيل : فى الرّحم ، وقيل : فى التزويج (١).
(لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) : لأنه فاطر السماوات والأرض ، ولأنه لا مثل يضارعه ، ولا شكل يشاكله. والكاف في ليس (كَمِثْلِهِ) صلة أي ليس مثله شىء. ويقال : لفظ «مثل» صلة ؛ ومعناه ليس كهو شىء. ويقال معناه ليس له مثل ؛ إذ لو كان له مثل لكان كمثله شىء وهو هو ، فلما قال : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) فمعناه ليس له مثل ، والحقّ لا شيبه له في ذاته ولا في صفاته ولا في أحكامه.
وقد وقع قوم في تشبيه ذاته بذات المخلوقين فوصفوه بالحدّ والنهاية والكون في المكان ، وأقبح قولا منهم من وصفوه بالجوارح والآلات ؛ فظنوا أن بصره في حدقة ، وسمعه في عضو ، وقدرته في يد .. إلى غير ذلك.
وقوم قاسوا حكمه على حكم عباده ؛ فقالوا : ما يكون من الخلق قبيحا فمنه قبيح ، وما يكون من الخلق حسنا فمنه حسن!! وهؤلاء كلهم أصحاب التشبيه ـ والحقّ مستحقّ للتنزيه دون التشبيه ، مستحق للتوحيد دون التحديد ، مستحق للتحصيل دون التعطيل والتمثيل.
قوله جل ذكره : (لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (١٢))
(مَقالِيدُ) أي مفاتيح ، والمفاتيح للخزائن ، وخزائنه مقدوراته. وكما أن في الموجودات معادن مختلفة فكذلك القلوب معادن جواهر الأحوال ؛ فبعض القلوب معادن المعرفة ، وبعضها معادن المحبة ، وبعضها للشوق ، ويعضها للأنس .. وغير ذلك من الأحوال كالتوحيد والتفريد والهيبة والرضا. وفائدة التعريف بأن المقاليد له : أن يقطع العبد أفكاره عن الخلق ، ويتوجّه
__________________
(١) يقول النسفي : اختير «فيه» على «به» لأنه جعل هذا التدبير كالمنبع أو المعدن للبث والتكثير.