قوله جل ذكره : (لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (٨))
هذه الكلمة فيها نفى ما أثبتوه بجهلهم ، وإثبات ما نفوه بجحدهم.
(رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ) : مربّى (١) أصلكم ونسلكم.
قوله جل ذكره : (بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ (٩))
اللّعب فعل يجرى على غير ترتيب تشبيها باللّعاب الذي يسيل لا (٢) على نظام مخصوص ؛ فوصف المنافق باللّعب ؛ وذلك لتردّده وتحيّره نتيجة شكّه في عقيدته.
قوله جل ذكره : (فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ (١٠))
هذا من أشراط الساعة ؛ إذ يتقدم عليها (٣).
وقيامة هؤلاء (يقصد الصوفية) معجّلة (أي تتم هنا في هذه الدنيا) فيومهم الذي تأتى السماء فيه بدخان مبين هو يوم غيبة الأحباب ، وانسداد ما كان مفتوحا من الأبواب ، أبواب الأنس بالأحباب وفي معناه قالوا :
فما جانب الدنيا بسهل ولا الضّحى |
|
يطلق ولا ماء الحياة ببارد |
قوله جل ذكره : (يَغْشَى النَّاسَ هذا عَذابٌ أَلِيمٌ (١١))
__________________
(١) لاحظ كيف يربط القشيري بين «التربية» و «الرب».
(٢) سقطت (لا) من ص .. وهي ضرورية كما هو واضح من السياق ، وهي موجودة في م ، ولا تخفى على القارئ روعة الربط بين «اللعب» و «اللعاب» ، ومدى السخرية من دماغ المنافق وقد ماثلت فما تتحرك فيه الشكوك تحرّك اللعاب.
(٣) هناك اتجاهان في معنى «الدخان» فى هذه الآية : أحدهما أنه ـ كما يذكر القشيري أنه من أشراط الساعة ، خرّج الثعلبي عن حذيفة أنه سأل النبي (ص) : «يا نبى الله ، ما الدخان في هذه الآية؟ فقال : هو دخان يملأ ما بين المشرق والمغرب يمكث أربعين ليلة ويوما ، فأما المؤمن فيصيبه منه شبه الزكام ، وأمّا الكافر فيكون بمنزلة السكران يخرج الدخان من فمه ومنخره وعينيه وأذنيه ودبره». وأما الاتجاه الثاني فهو ما أصاب قريشا من الجوع بدعاء النبي عليهم ، وقد كشفه الله عنهم. ويؤيد ابن مسعود هذا القول الثاني بهذا الكشف ، لأنه لو كان قبل يوم القيامة ما كشفه الله عن الناس.