وثبّتهم باليقين. (وَأَثابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً) هو فتح خيبر بعد مدة يسيرة ، وما حصلوا عليه من مغانم كثيرة من خيبر. وقيل ما يأخذونه إلى يوم القيامة (١).
وفي الآية دليل على أنه قد تخطر ببال الإنسان خواطر مشكّكة ، وفي الرّيب موقعة ، ولكن لا عبرة بها ؛ فإنّ الله سبحانه إذا أراد بعبد خيرا لازم التوحيد قلبه ، وقارن التحقيق سرّه فلا يضرّه كيد الشيطان ، قال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ) (٢).
(وَعَدَكُمُ اللهُ مَغانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَها) ويدخل في ذلك جميع ما يغنمه المسلمون إلى القيامة فعجّل لكم هذه ـ يعنى خيبر (٣) ، وقيل : الحديبية.
(وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ) لما خرجوا من المدينة حرسهم الله ، وحفظ عيالهم ، وحمى بيضتهم حين هبّ اليهود (٤) فى المدينة بعد خروج المسلمين ، فمنعهم الله عنهم.
أو يقال : كفّ أيدى الناس من أهل الحديبية.
(وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً)
لتكون هذه آية للمؤمنين وعلامة يستدّلون بها على حراسة الله لهم.
(وَيَهْدِيَكُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً) : فى التوكل على الله والثقة به.
ويقال : كفّ أيدى الناس عن العبد هو أن يرزقه من حيث لا يحتسب ، لئلا يحتاج إلى أن يتكفّف الناس.
ويقال : أن يرفع عنه أيدى الظّلمة.
__________________
(١) هذا أيضا قول ابن عباس ومجاهد.
(٢) آية ٢٠١ سورة الأعراف.
(٣) يرجح أنها خيبر ، لأن الحديبية كان فيها صلح.
(٤) يرجح الطبري ذلك ، لأن كف أيدى المشركين في الحديبية مذكور في قوله تعالى :
(وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ)