(وَلكِنَّ اللهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ) : الإسلام والطاعة والتوحيد ، وزيّنها في قلوبكم.
(وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيانَ ..) : هذا من تلوين الخطاب.
وفي الآية دليل على صحة قول أهل الحقّ في القدر (١) ، وتخصيص المؤمنين بألطاف لا يشترك فيها الكفار. ولو لا أنّه يوفّر الدواعي للطاعات لحصل التفريط والتقصير فى العبادات.
(فَضْلاً مِنَ اللهِ وَنِعْمَةً) : أي فعل هذا بكم فضلا منه ورحمة. والله عليم حكيم.
قوله جل ذكره : (وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ فَإِنْ فاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (٩))
(٢) تدل الآية على أن المؤمن بفسقه ـ والفسق دون الكفر ـ لا يخرج عن الإيمان لأن إحدى الطائفتين ـ لا محالة ـ فاسقة إذا اقتتلا.
وتدل الآية على وجوب نصرة المظلوم ؛ حيث قال : (فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى ...).
والإشارة فيه : أن النفس إذا ظلمت القلب بدعائه إلى شهواتها ، واشتغالها في فسادها فيجب
__________________
(١) يقصد القشيري أن القائلين بأن الله سبحانه المتفرد بخلق ذوات العباد وخلق أفعالهم وصفاتهم واختلاف ألسنتهم و... على صواب لأن الآية صريحة في خلق الأفعال ؛ فهو الذي حبّب إلى الإيمان والعكس.
(٢) يقال نزلت في ابن أبيّ حين وقف الرسول على مجلس به بعض الأنصار وهو على حمار فقال ابن أبى : حلّ سبيل حمارك فقد أذانا ، فانبرى له عبد الله بن رواحة قائلا :
والله إنّ بول حماره لأطيب من مسكك.
وبعد أن مضى الرسول (ص) طال الخوض بينهما حتى استبّا وتجالدا ، واشتبك الأوس والخزرج وتجالدوا بالعصى. وقيل بالأيدى والنعال والسعف ، فرجع الرسول (ص) إليهم فأصلح بينهم.