قوله جل ذكره : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ (٦))
دلّت الآية (١) على ترك السكون إلى خبر الفاسق إلى أن يظهر صدقه.
وفي الآية إشارة إلى ترك الاستماع إلى كلام الساعي والنمّام والمغتاب للناس.
والآية تدلّ على قبول خبر الواحد إذا كان عدلا.
والفاسق هو الخارج عن الطاعة (٢). ويقال هو الخارج عن حدّ المروءة.
ويقال : هو الذي ألقى جلباب الحياء.
قوله جل ذكره : (وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلكِنَّ اللهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيانَ أُولئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (٧))
أي لو وافقكم محمد رسول الله صلىاللهعليهوسلم في كثير مما تطلبون منه لوقعتم في العنت ـ وهو الفساد (٣). ولو قبل قول واحد (قبل وضوح الأمر) لأصابتكم من ذلك شدة.
والرسول صلوات الله عليه لا يطيعكم في أكثر الأمور إذا لم ير في ذلك مصلحة لكم وللدين.
__________________
(١) يقال : نزلت في الوليد بن عقبة بن أبى معيط .. أرسله النبي (ص) ليجبى الصدقات من بنى المصطلق. فلما أبصروه تقدموا نحوه فهابهم ؛ فقد كانت بينه وبينهم إحنة .. فعاد من فوره إلى النبي وأخبره أنهم ارتدوا عن الإسلام ، فلم يقنع النبي (ص) بما سمع وأرسل إليهم خالد بن الوليد ليتثبت من الأمر فأخبروه أنهم على إسلامهم ، وأنهم كانوا خارجين إلى سفير النبي لإكرامه ، واستيقن خالد من ذلك حين سمع أذانهم وصلاتهم .. فعاد إلى النبي وجلى حقيقة الأمر.
(٢) مشتق من فسقت الرطبة أي خرجت من قشرها ، والفأرة من جحرها.
(٣) للعنت معان أخرى : فهو : الفجور والزنا ـ كما جاء في سورة النساء. وهو : الوقوع في أمر شاق كما جاء فى آخر سورة براءة.