قوله جل ذكره : (ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى (١١))
ما كذّب فؤاد محمد صلىاللهعليهوسلم ما رآه ببصره من الآيات. وكذلك يقال : رأى ربّه تلك الليلة على الوصف الذي علمه قبل أن يراه (١).
قوله جل ذكره : (أَفَتُمارُونَهُ عَلى ما يَرى (١٢))
أفتجادلونه على ما يرى؟
قوله جل ذكره : (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى (١٣) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى (١٤) عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى (١٥))
أي جبريل رأى الله مرة أخرى حين كان محمد عند سدرة المنتهى ؛ وهي شجرة في الجنة ، وهي منتهى الملائكة ، وقيل : تنتهى إليها أرواح الشهداء. ويقال : تنتهى إليها أرواح الخلق ، ولا يعلم ما وراءها إلا الله تعالى ـ وعندها (جَنَّةُ الْمَأْوى) وهي جنة من الجنان.
قوله جل ذكره : (إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ ما يَغْشى (١٦))
يغشاها ما يغشاها من الملائكة ما الله أعلم به.
وفي خبر : يغشاها رفرف طير خضر.
ويقال : يغشاها فراش من ذهب.
__________________
(١) يقول القشيري في كتابه المعراج ص ٩٤ : «واختلفوا في رؤية الله سبحانه ليلة المعراج ؛ فقالت عائشة رضى الله عنها : إن النبي (ص) لم ير ربّه ليلة المعراج ، ومن زعم أن محمدا رأى ربّه ليلة المعراج فقد أعظم على الله الفرية. وقال ابن عباس : إن نبينا (ص) رأى ربّه ليلة المعراج.
ثم اختلفت الرواية عن ابن عباس ؛ ففى رواية أنه رآه بعين رأسه ، وفي رواية أنه رآه بقلبه. وقال أهل التحقيق من أهل السّنّة : اختلافهم في هذه المسألة دليل على إجماعهم أن الحق سبحانه يجوز أن يرى ؛ لأنه لو لا أنّهم كانوا متفقين على جواز الرؤية لم يكن لاختلافهم في الرؤية في تلك الليلة معنى.
وقد رويت في هذا الباب أخبار ، والله أعلم بصحتها ، فإن صحّ ذلك فلها وجوه من التأويل ، من ذلك ماءروى أنه قال : «رأيت ربى في أحسن صورة» ـ فهذا الخبر يحتمل وجوها منها : رأيت ربى وأنا في أحسن صورة يعنى في أكمل رتبة وأتم فضيلة ، وأقوى ما كنت ؛ لم يصحبنى دهش ، ولا رهقتنى حيرة.
ويمكن أن تكون الرؤية بمعنى العلم ، أي رأيت من قدرة الله تعالى ودلائل حكمته ، ولم يشغلنى شهود الصور عن ذكر المصوّر ، بل رأيت الفاعل في الفعل.
وقيل : الصورة بمعنى الصفة ، يقال : أرنى صورة هذا الأمر أي : صفته. و «فى» على معنى «على» أي رأيت ربى على أحسن صفة من جلالة وصفه وإفضاله معى.