ويقال : أعطى رسول الله (ص) عندها خواتيم البقرة ، وغفر لمن مات من أمّته لا يشرك بالله شيئا.
قوله جل ذكره : (ما زاغَ الْبَصَرُ وَما طَغى (١٧))
ما مال ـ صلوات الله عليه وسلامه ـ ببصره عمّا أبيح له من النظر إلى الآيات ، والاعتبار بدلائلها.
فما جاوز حدّه ، بل راعى شروط الأدب في الحضرة (١).
قوله جل ذكره : (لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى (١٨))
أي (الْآيَةَ) الكبرى ، وحذف الآية .. وهي تلك التي رآها في هذه الليلة. ويقال : هى بقاؤه في حال لقائه ربّه بوصف الصّحو ، وحفظه حتى رآه (٢).
قوله جل ذكره : (أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُزَّى (١٩) وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى (٢٠) أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثى (٢١) تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى (٢٢))
هذه أصنام كانت العرب تعبدها ؛ فاللات صنم لثقيف ، والعزّى شجرة لغطفان ، ومناة صخرة لهذيل وخزاعة (٣).
ومعنى الآية : أخبرونا .. هل لهذه الأصنام التي تعبدونها من دون الله من القدرة أن تفعل بعائذ بها ما فعلنا نحن لمحمد صلىاللهعليهوسلم من الرّتب والتخصيص؟.
__________________
(١) قال أبو يزيد البسطامي : حفظ النبي (ص) طرفه في المسرى ، فما زاغ البصر وما طغى ، لعلمه بما يؤهل له من المشاهدة ، فلم يشاهد في ذلك شيئا ، ولم ير طرفه أحدا ، ثم لما ردّ إلى محل التأديب نظر إلى الجنة والنار ، والأنبياء والملائكة للإخبار عنها ، وتأديب الخلق بها ؛ فالمقام الأول مقام خصوص والمقام الثاني مقام عموم.
وقال رويم : لما أكرم عليه الصلاة والسلام بأعظم الشرف في المسرى عملت همّته عن الالتفات إلى الآيات والكرامات والجنة والنار فما زاغ البصر وما طغى ؛ أي ما أعار طرفه شيئا من الأكوان ، ومن شاهد البحر استقلّ الأنهار والأودية.
(٢) سئل الشبلي : «كيف ثبت النبى (ص) فى المعراج للقاء والمخاطبة؟ فقال : إنه هيّىء لأمر فمكّن فيه» ويقارن القشيري في موضع آخر بين موسى عليهالسلام إذ خرّ صعقا بمجرد سماع النداء وبين نبيّنا عليه الصلاة والسلام إذ ثبت في محل المشاهدة ، ويضيف : إن موسى في حال التلوين ، ومحمد في حال التمكين.
(٣) هذه الأصنام كلها مؤنثات .. وكانوا يقولون : إن الملائكة وهذه الأصنام بنات الله!