أم لم ينبّأ هذا الكافر بما في صحف موسى ، وصحف إبراهيم الذي وفّى ؛ أي أتمّ ما طولب به في نفسه وماله وولده.
قوله جل ذكره : (أَلاَّ تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى (٣٨) وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلاَّ ما سَعى (٣٩) وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرى (٤٠) ثُمَّ يُجْزاهُ الْجَزاءَ الْأَوْفى (٤١))
الناس في سعيهم مختلفون ؛ فمن كان سعيه في طلب الدنيا خسرت صفقته ، ومن كان سعيه في طلب الجنة ربحت صفقته ، ومن كان سعيه في رياضة نفسه وصل إلى رضوان الله ، ومن كان سعيه في الإرادة شكر الله سعيه ثم هداه إلى نفسه.
وأمّا المذنب ـ فإذا كان سعيه في طلب غفرانه ، وندم القلب على ما اسودّ من ديوانه ، فسوف يجد من الله الثواب والقربة والكرامة والزلفة.
ومن كان سعيه في عدّ أنفاسه مع الله ؛ لا يعرّج على تقصير ، ولا يفرّط في مأمور فسيرى جزاء سعيه مشكورا في الدنيا والآخرة ، ثم يشكره بأن يخاطبه في ذلك المعنى بإسماعه كلامه من غير واسطة : عبدى ، سعيك مشكور ، عبدى ، ذنبك مغفور.
(ثُمَّ يُجْزاهُ الْجَزاءَ الْأَوْفى) : هو الجزاء الأكبر والأجلّ ، جزاء غير مقطوع ولا ممنوع.
قوله جل ذكره : (وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى (٤٢))
إليه المرجع والمصير ، فابتداء الأشياء من الله خلقا ، وانتهاء الأشياء إلى الله مصيرا.
ويقال : إذا انتهى الكلام إلى الله تعالى فاسكتوا.
ويقال : إذا وصل العبد إلى معرفة الله فليس بعده شىء إلا ألطافا من مال أو منال أو تحقيق آمال أو أحوال .. يجريها على مراده ـ وهي حظوظ للعباد.
قوله جل ذكره : (وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكى (٤٣))
أراد به الضحك والبكاء المتعارف عليهما بين الناس ؛ فهو الذي يجريه ويخلقه.