أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى)
(إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ) : يعنى خلق آدم.
ويقال : تزكية النّفس من علامات كون المرء محجوبا عن الله ؛ لأنّ المجذوب إلى الغاية والمستغرق في شهود ربّه لا يزكّى نفسه (١).
(هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى) : لأنه أعلم بكم منكم.
ويقال : من اعتقد أنّ على البسيطة أحدا شرّ منه فهو متكبّر.
ويقال : المسلم يجب أن يكون بحيث يرى كلّ مسلم خيرا منه ؛ فإن رأى شيخا ، قال : هو أكثر منّى طاعة وهو أفضل منّى ، وإن رأى شابا قال : هو أفضل منى لأنه أقلّ منّى ذنبا.
قوله جل ذكره : (أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى (٣٣) وَأَعْطى قَلِيلاً وَأَكْدى (٣٤))
أعرض عن الحقّ ، وتصدّق بالقليل. (وَأَكْدى) أي قطع عطاءه.
(أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرى (٣٥))
(فَهُوَ يَرى) : فهو يعلم صحّة ذلك. يقال : هو المنافق الذي يعين على الجهاد قليلا ثم يقطع ذلك :
(أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ) : فهو يرى حاله في الآخرة؟
(أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِما فِي صُحُفِ مُوسى (٣٦) وَإِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى (٣٧))
__________________
(١) قارن ذلك بقول النسفي في ذكر المرء لطاعته : «.. وهذا إذا كان على سبيل الإعجاب أو الرياء لا على سبيل الاعتراف بالنعمة فإنه جائز لأن المسرة بالطاعة طاعة وذكرها شكر» النسفي ج ٤ ص ١٩٨. ونظن أن في عبارة النسفي شيئا يستحق التصويب : فالأولى أن يقال : وهذا إذا كان على سبيل الاعتراف بالنعمة ـ لا على سبيل الإعجاب أو الرياء ـ فإنه جائز ..