سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ (٢) وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ (٣))
يعنى أن أهل مكة إذا رأوا آية من الآيات أعرضوا عن النظر فيها ، ولو نظروا لحصل لهم العلم واجبا.
(سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ) : أي دائم قويّ شديد .. (ويقال إنهم قالوا : هذا ذاهب لا تبقى مدته) (١) فاستمر : أي ذهب.
(وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ) : التكذيب واتباع الهوى قريبان ؛ فإذا حصل اتباع الهوى فمن شؤمه يحصل التكذيب ؛ لأنّ الله يلبّس على قلب صاحبه حتى لا يستبصر (٢) الرشد.
أما اتباع الرضا فمقرون بالتصديق ؛ لأنّ الله ببركات اتباع الحقّ يفتح عين البصيرة فيحصل التصديق.
وكلّ امرئ جرت له القسمة والتقدير فلا محالة يستقر له حصول ما قسم وقدّر له.
(وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ) : يستقر عمل المؤمن فتوجب له الجنة ، ويستقر عمل الكافر فيجازى.
قوله جل ذكره : (وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنَ الْأَنْباءِ ما فِيهِ مُزْدَجَرٌ (٤) حِكْمَةٌ بالِغَةٌ فَما تُغْنِ النُّذُرُ (٥))
جاءهم من أخبار الأنبياء والأمم الذين من قبلهم والأزمنة الماضية ما يجب أن يحصل به الارتداع ، ولكنّ الحقّ ـ سبحانه ـ أسبل على بصائرهم سجوف الجهل فعموا عن مواضع الرشد.
(حِكْمَةٌ بالِغَةٌ ..) : بدل من (ما) فيما سبق : (ما فيه مزدجر).
والحكمة البالغة هي الصحيحة الظاهرة الواضحة لمن تفكّر فيها.
(فَما تُغْنِ النُّذُرُ) : وأي شىء يغنى إنذار النذير وقد سبق التقدير لهم بالشقاء؟
__________________
(١) ما بين القوسين موجود في م وغير موجود في ص.
(٢) هكذا في ص. وهي في م (لا يستبشر) ، والأصوب ما أثبتنا.