ففتحنا أبواب السماء بماء منصبّ ، وشققنا عيونا بالماء ، فالتقى ماء السماء وماء الأرض على أمر قد قدّر في اللوح المحفوظ ، وقدر عليه بإهلاكهم!
وفي التفاسير : أن الماء الذي نبع من الأرض نضب. والماء الذي نزل من السماء هو البخار اليوم.
(وَحَمَلْناهُ عَلى ذاتِ أَلْواحٍ وَدُسُرٍ (١٣))
وحملنا نوحا على (ذاتِ أَلْواحٍ) أي سفينة ، (وَدُسُرٍ) يعنى المسامير وهي جمع دسار أي مسمار.
(تَجْرِي بِأَعْيُنِنا جَزاءً لِمَنْ كانَ كُفِرَ (١٤))
(بِأَعْيُنِنا) : أي بمرأى منّا. وقيل : تجرى بأوليائنا.
ويقال : بأعين ملائكتنا الذين وكلناهم لحفظهم.
ويقال : بأعين الماء الذي أنبعناه من أوجه الأرض.
(جَزاءً لِمَنْ كانَ كُفِرَ) : أي الذين كفروا بنوح (١).
قوله جل ذكره : (وَلَقَدْ تَرَكْناها آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (١٥))
جعلنا أمر السفينة علامة بيّنة لمن يعتبر بها.
(فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) : فهل منكم من يعتبر؟. أمرهم بالاعتبار بها (٢).
قوله جل ذكره : (فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ (١٦))
قالها على جهة التعظيم لأمره.
وقد ذكر قصة نوح هنا على أفصح بيان وأقصر كلام وأتمّ معنى (٣).
__________________
(١) يرى بعض المفسرين أن (الذي كفر) هو نوح عليهالسلام لأنه مكفور به ، فكل نبى رحمة لأمته ، فكان نوح رحمة مكفورة.
(٢) أي أن الاستفهام ـ بلغة البلاغيين ـ قد خرج عن معناه الأصلى إلى الأمر.
(٣) كأن القشيري يريد أن يوضح تعليلا (لتكرار) قصة نوح. ونحن نعلم أن القشيري لا يستريج تماما لفكرة القول بالتكرار في القرآن.