وكان نوح ـ عليهالسلام ـ أطول الأنبياء عمرا ، وأشدّهم للبلاء مقاساة
ثم إن الله ـ سبحانه ـ لما نجّى نوحا متّعه بعد هلاك قومه ومتع أولاده ، فكلّ من على وجه الأرض من أولاد نوح عليهالسلام. وفي هذا قوة لرجاء أهل الدين ، إذا لقوا في دين الله محنة ؛ فإنّ الله يهلك ـ عن قريب ـ عدوّهم ، ويمكّنهم من ديارهم وبلادهم ، ويورثهم ما كان إليهم.
وكذلك كانت قصة موسى عليهالسلام مع فرعون وقومه ، وسنة الله في جميع أهل الضلال أن يعزّ أولياءه بعد أن يزهق أعداءه.
قوله جل ذكره : (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (١٧))
يسّرنا قراءته على ألسنة الناس ، ويسّرنا علمه على قلوب قوم ، ويسّرنا فهمه على قلوب قوم ، ويسّرنا حفظه على قلوب قوم ، وكلّهم أهل القرآن ، وكلّهم أهل الله وخاصته.
ويقال : كاشف الأرواح من قوم ـ بالقرآن ـ قبل إدخالها في الأجساد.
(فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) لهذا العهد الذي جرى لنا معه.
قوله جل ذكره : (كَذَّبَتْ عادٌ فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ (١٨) إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ (١٩) تَنْزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ (٢٠))
كذّبوا هودا ، فأرسلنا عليهم (رِيحاً صَرْصَراً) أي : باردة شديدة الهبوب ، يسمع لها صوت.
(فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ) أي : فى يوم شؤم استمرّ فيه العذاب بهم ، ودام ذلك فيهم ثمانية أيام وسبع ليال. وقيل : دائم الشؤم تنزع رياحه الناس عن حفرهم التي حفروها