قوله جل ذكره : (اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكاثُرٌ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ)
الحياة الدنيا معرّضة للزوال ، غير لابثة ولا ماكثة ، وهي في الحال شاغلة عن الله ، مطمعة (١) وغير مشبعة ، وتجرى على غير سنن الاستقامة كجريان لعب (٢) الصبيان ، فهى تلهى عن الصواب واستبصار الحقّ ، وهي تفاخر وتكاثر في الأموال والأولاد.
(كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَباتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَراهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطاماً).
الكفار : الزّرّاع.
هو في غاية الحسن ثم يهيج فتراه يأخذ في الجفاف ، ثم ينتهى إلى أن يتحطّم ويتكسّر.
(وَفِي الْآخِرَةِ عَذابٌ شَدِيدٌ).
لأهله من الكفّار.
(وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللهِ وَرِضْوانٌ).
لأهله من المؤمنين.
(وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ).
الدنيا حقيرة ـ وأحقر منها قدرا طالبها وأقلّ منه خطرا المزاحم فيها ، فما هي إلا جيفة ؛ وطالب الجيفة ليس له خطر. وأخس أهل الدنيا من بخل بها.
وهذه الدنيا المذمومة هي التي تشغل العبد عن الآخرة!
__________________
(١) ربما كانت ـ (مطعمة) فى الأصل ؛ فقد نبدو الدنيا ذات قيمة ولكنها في الحقيقة عديمة القيمة.
(٢) فى النسختين (لعاب) الأطفال ، ومع ذلك فقد آثرنا أن نثبت هنا (لعب) بالرغم من تحسنا لاستعمال (اللعاب) فى موضع سبق ؛ ذلك لأننا نرى إضافة اللعاب إلى الصبيان لا يزيد المعنى تأكيدا ، فاللعاب ظاهرة فسيولوجية تجرى على غير نظام ـ وهذا هو المطلوب ـ عند الكبار والصفار على حدّ سواء ، بينما إضافة اللعب إلى الصبيان تعطى المعنى المطلوب.