قوله جل ذكره : (سابِقُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ)
أي سارعوا إلى عمل يوجب لكم مغفرة من ربّكم ، وذلك العمل هو التوبة.
(وَجَنَّةٍ عَرْضُها ...) ذكر عرضها ولم يذكر طولها ؛ فالطول على ما يوافيه العرض.
(أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ) : وفي هذا دليل على أنّ الجنة مخلوقة (١).
(ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ).
وفي ذلك ردّ على من يقول : «إن الجنة مستحقّة على الطاعات ، ويجب على الله إيصال العبد إليها» (٢) .. لأن الفضل لا يكون واجبا.
ويقال : لمّا سمعت أسرار المؤمنين (٣) هذا الخطاب (٤) ابتدرت الأرواح مقتضية المسارعة من الجوارح ، وصارت الجوارح مستجيبة للمطالبة ، مستبشرة برعاية حقوق الله ؛ لأنها علمت أن هذا الاستدعاء من جانب الحقّ سبحانه.
قوله جل ذكره : (ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ (٢٢))
المصيبة حصلة (٥) تقع وتحصل. فيقول تعالى : لا يحصل في الأرض ولا في أنفسكم شىء
__________________
(١) هكذا أيضا يرى ابن القيم فى (اجتماع الجيوش الإسلامية ص ٥٢).
والأشاعرة والسلف يرون ذلك ويرون أن الجنة والنار مخلوقتان الآن وأنهما باقيتان.
(٢) هذا رأى المعتزلة الذين اعتبروا ذلك من مقتضيات العدل الإلهي.
(٣) هكذا في م وهي في ص (الموحدين).
(٤) هكذا في ص وهي في م (الخطاة) وواضح فيها خطأ الناسخ لأن الأمر متعلق بالفعل (سابقوا ...)
(٥) بمعنى حادث يحصل ، وهي فى (خصلة) بالخاء والصواب حصلة. (انظر ما يقوله القشيري في سورة التغابن عند (ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ) على معنى : (خصل الهم خصلا وخصلة) أي وقع بلزق الهدف أو أصابه.