ومال كثير ، فلما كبرت سنّى (١) ، وذهب مالى ، وتفرّق أهلى جعلنى عليه كظهر أمّه ، وقد ندم وندمت ، وإنّ لى منه صبية صغارا إن ضممتهم إليه ضاعوا ، وإن ضممتهم إليّ جاعوا.
فقال لها الرسول صلىاللهعليهوسلم ـ فى رواية ـ : ما أمرت بشىء في شأنك.
وفي رواية أخرى أنه قال لها : بنت عنه (أي حرمت عليه).
فترددت إلى رسول الله (ص) فى ذلك ، وشكت .. إلى أن أنزل الله حكم الظّهار.
قوله جل ذكره : (الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسائِهِمْ ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ إِنْ أُمَّهاتُهُمْ إِلاَّ اللاَّئِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً وَإِنَّ اللهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (٢))
قول الذين يقولون لنسائهم ـ جريا على عادة أهل الشّرك ـ أنت عليّ كظهر أمي ... هذا شىء لم يحكم الله به ؛ ولا هذا الكلام في نفسه صدق ، ولم يثبت فيه شرع ، وإنما هو زور محض وكذب صرف.
فعلم الكافة أن الحقائق بالتلبيس لا تتعزّز (٢) ؛ والسّبب إذا لم يكن صحيحا فبالمعاودة لا يثبت ؛ فالمرأة لمّا سمعت من رسول الله (ص) قوله : بنت عنه ـ كان واجبا عليها السكون والصبر ؛ ولكنّ الضرورة أنطقتها وحملتها على المعاودة ، وحصلت من ذلك مسألة : وهي أن كثيرا من الأشياء يحكم فيها ظاهر العلم بشىء ؛ ثم تغيّر الضرورة ذلك الحكم لصاحبها (٣).
قوله جل ذكره : (وَالَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ ثُمَّ
__________________
(١) وفي رواية : خلا سنّى ونثرت بطني ـ أي كثر ولدي.
(٢) ربما كانت في الأصل (لا تتقرر) ومع ذلك فالمعنى هكذا مقبول.
(٣) هذه غمزة رقيقة بأولئك المتشبثين بالظواهر ، ودعوة إلى التريث.