ويقال : الإيمان ما يوجب الأمان ؛ فالإيمان يوجب للمؤمن إذا كان عاصيا خلاصه من العذاب أكثره وأقلّه ... إلّا ما ينقله من (أعلى) (١) جهنم إلى أسفلها.
قوله جل ذكره : (اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (٢))
تستّروا بإقرارهم ، وتكشّفوا بنفاقهم عن أستارهم فافتضحوا ، وذاقوا وبال أحوالهم.
قوله جل ذكره : (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ (٣))
استضاءوا بنور الإجابة فلم ينبسط عليهم شعاع السعادة ، فانطفأ نورهم بقهر الحرمان ، وبقوا في ظلمات القسمة السابقة بحكم الشقاوة.
قوله جل ذكره : (وَإِذا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (٤))
أي هم أشباح وقوالب وليس وراءهم ألباب وحقائق ـ فالجوز (٢) الفارغ مزيّن ظاهره ولكنه للعب الصبيان (٣).
(يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ ...) وذلك لجبنهم ؛ إذ ليس لهم انتعاش بربّهم ، ولا استقلال بغيرهم.
__________________
(١) سقطت (أعلى) من الناسخ في م وهي موجودة في ص.
(٢) هكذا في م وهي في ص «الحوض» وقد رجحنا الأولى.
(٣) فى هذه الإشارة تنبيه إلى قاعدة صوفية : أن العبرة بحقائق الأرواح لا بمظاهر الأشباح (أي الأجساد).