(هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ) هم عدوّ لك ـ يا محمد ـ فاحذرهم ، ولا يغرّنك تبسّطهم فى الكلام على وجه التودّد والتقرّب.
قوله جل ذكره : (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللهِ لَوَّوْا رُؤُسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ (٥))
سمعوا إلى ما يقال لهم على وجه التكبّر ، وإظهار الاستغناء عن استغفارك لهم ... فخلّ سبيلهم ؛ فليس للنّصح فيهم مساغ ، ولن يصحيهم من سكرتهم إلّا حرّ ما سيلقونه من العقوبة ، فما دام الإصرار من جانبهم فإنهم :
(سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ (٦))
فقد سبق العلم بذلك :
قوله جل ذكره : (هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزائِنُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَفْقَهُونَ (٧))
(١) كأنهم مربوطون بالأسباب ، محجوبون عن شهود التقدير ، غير متحققّين بتصريف الأيام ، فأنطقهم بما خامر قلوبهم من تمنّى انطفاء نور رسول الله ، وانتكاث شملهم ، فتواصوا فيما بينهم بقولهم : (لا تُنْفِقُوا عَلى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ) فقال تعالى (وَلِلَّهِ خَزائِنُ السَّماواتِ ...).
وليس استقلالك ـ يا محمد ـ ولا استقلال أصحابك بالمرزوقين .. بل بالرازق ؛ فهو الذي يمسككم.
__________________
(١) (وَلِلَّهِ خَزائِنُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) بهذا أجاب كثيرون من أرباب الطريق كحاتم الأصم والجنيد والشبل عند ما كانوا يسأل أحدهم : من أين تأكل؟