من هذه الطائفة إذا أشاعوا سرّا ، أو أضاعوا أدبا يعاقبهم برياح الحجبة (١) ، فلا يبقى في قلوبهم أثر من الاحتشام للدّين ، ولا ممّا كان لهم من الأوقات ، ويصيرون على خطر في أحوالهم بأن يمتحنوا (بالاعتراض على التقدير) (٢) والقسمة.
وأمّا فرعون وقومه فكان عذابهم بالغرق .. كذلك من كان له وقت فارغ وهو بطاعة ربّه مشتغل ، والحقّ عليه مقبل ـ فإذا لم يشكر النعمة ، وأساء أدبه ، ولم يعرف قدر ما أنعم الله به عليه ردّه الحقّ إلى أسباب التفرقة ، ثم أغرقه في بحار الاشتغال فيتكدر مشربه ، ويصير على خطر بأن يدركه سخط الحقّ وغضبه.
قوله جل ذكره : (إِنَّا لَمَّا طَغَى الْماءُ حَمَلْناكُمْ فِي الْجارِيَةِ (١١))
وكذلك تكون منّته على خواصّ أوليائه حين يسلمهم في سفينة العافية ، والكون يتلاطم فى أمواج بحار الاشتغال على اختلاف أوصافها ، فيكونون بوصف السلامة ، لا منازعة ولا محاسبة لهم مع أحد ، ولا توقع شىء من أحد ؛ سالمون من الناس ، والناس منهم سالمون.
قوله جل ذكره : (فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ ....)
بدأ في وصف القيامة والحساب ..
(يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفى مِنْكُمْ خافِيَةٌ (١٨))
وفي كلّ نفس مع هؤلاء القوم (٣) محاسبة ومطالبة ، منهم من يستحق المعاتبة ، ومنهم من يستحق المعاقبة.
__________________
(١) فى الإشارة قياس على الرياح التي أهلكت عادا.
(٢) موجود في ص أما في م فهى (الإعراض) فقط.
(٣) يقصد أهل المجاهدات والمذاقات.