قوله جل ذكره : (كَلاَّ بَلْ تُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ (٢٠) وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ (٢١))
أي : إنما يحملهم على التكذيب للقيامة والنشر أنهم يحبون العاجلة في الدنيا ، أي : يحبون البقاء في الدنيا.
(وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ) : أي : تتركون العمل للآخرة. ويقال : تكفرون بها.
قوله جل ذكره : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ ناضِرَةٌ) :
أي مشرقة حسنة ، وهي مشرقة لأنها (إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) أي رائية لله. والنظر المقرون ب (إِلى) مضافا إلى الوجه (١) لا يكون إلّا الرؤية ، فالله تعالى يخلق الرؤية فى وجوههم في الجنة على قلب العادة ، فالوجوه ناظرة إلى الله تعالى.
ويقال : العين من جملة الوجه (فاسم الوجه) (٢) يتناوله.
ويقال : الوجه لا ينظر ولكنّ العين في الوجه هي التي تنظر ؛ كما أنّ النهر لا يجرى ولكنّ الماء في النهر هو الذي يجرى ، قال تعالى : (جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ).
ويقال : فى قوله : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ) دليل على أنهم بصفة الصحو ، ولا تتداخلهم حيرة ولا دهش ؛ فالنضرة من أمارات البسط لأن البقاء في حال اللقاء أتمّ من اللقاء.
والرؤية عند أهل التحقيق تقتضى بقاء الرائي ، وعندهم استهلاك العبد في وجود الحقّ أتمّ ؛ فالذين أشاروا إلى الوجود رأوا الوجود أعلى من الرؤية.
قوله جل ذكره : (وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ (٢٤) تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِها فاقِرَةٌ (٢٥))
__________________
(١) (مضافا إلى) معناها (منسوبا إلى).
(٢) ما بين القوسين وارد في ص ولم يرد في م وهو هام في توضيح السياق.