(مِنْ نُطْفَةٍ) : أي من قطرة ماء ، (أَمْشاجٍ) : أخلاط من بين الرجل والمرأة.
ويقال : طورا نطفة ، وطورا علقة ، وطورا عظما ، وطورا لحما.
(نَبْتَلِيهِ) : نمتحنه ونختبره. وقد مضى معناه. (فَجَعَلْناهُ سَمِيعاً بَصِيراً).
(إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً)
أي : عرّفناه الطريق ؛ أي طريق الخير والشرّ.
وقيل : إمّا للشقاوة ، وإمّا للسعادة ، إمّا شاكرا من أوليائنا ، وإما أن يكون كافرا من أعدائنا ؛ فإن شكر فبالتوفيق ، وإن كفر فبالخذلان.
قوله جل ذكره : (إِنَّا أَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ سَلاسِلَ وَأَغْلالاً وَسَعِيراً (٤))
أي : هيّأنا لهم سلاسل يسحبون فيها ، وأغلالا لأعناقهم يهانون بها ، (وَسَعِيراً) : نارا مستعرة.
(إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً)
قيل : البرّ : الذي لايضمر الشّرّ ، ولا يؤذى الذّرّ.
وقيل : الأبرار : هم الذين سمت همّتهم عن المستحقرات ، وظهرت في قلوبهم ينابيع الحكمة فاتّقوا عن مساكنة الدنيا.
يشربون (١) من كأس رائحتها كرائحة الكافور ، أو ممزوجة بالكافور.
ويقال : اختلفت مشاربهم في الآخرة ؛ فكلّ يسقى ما يليق بحاله ... وكذلك في الدنيا مشاربهم مختلفة ؛ فمنهم من يسقى مزجا ، ومنهم من يسقى صرفا ، ومنهم من يسقى على
__________________
(١) يتحدث القشيري في هذه السورة عن الشراب على نحو تفصيلى يستحق التأمل ، وينبغى أن يضاف إلى حديثه عنه في رسالته عند بحث هذا الموضوع عند هذا الصوفي السنّى الجليل.