فليس بمنصف. وأمّا الصّدّيقون فإنهم كما ينظرون للمسلمين فإنهم ينظرون لكلّ من لهم معهم معاملة ـ والصدق عزيز ، وكذلك أحوالهم في الصّحبة والمعاشرة .. فالذي يرى عيب الناس ولا يرى عيب نفسه فهو من هذه الجملة ـ جملة المطففين ـ كما قيل :
وتبصر في العين منّى القذى |
|
وفي عينك الجذع لا تبصر |
ومن اقتضى حقّ نفسه ـ دون أن يقضى حقوق غيره مثلما يقتضيها لنفسه ـ فهو من جملة المطففين.
والفتى من يقضى حقوق الناس ولا يقتضى من أحد لنفسه حقّا.
قوله جل ذكره : (أَلا يَظُنُّ أُولئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ)
أي : ألا يستيقن هؤلاء أنهم محاسبون غدا ، وأنهم مطالبون بحقوق الناس؟.
ويقال : من لم يذكر ـ في حال معاملة الناس ـ معاينة القيامة ومحاسبتها فهو في خسران في معاملته.
ويقال : من كان صاحب مراقبة للّه ربّ العالمين استشعر الهيبة في عاجله ، كما يكون حال الناس في المحشر ؛ لأنّ اطلاع الحقّ اليوم كاطلاعه غدا.
قوله جل ذكره : (كَلَّا إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ وَما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ؟ كِتابٌ مَرْقُومٌ)
«سِجِّينٍ (١)» قيل : هي الأرض السابعة ، وهي الأرض السفلى ، يوضع كتاب أعمال الكفار هنالك إذلالا لهم وإهانة ، ثم تحمل أرواحهم إلى ما هنالك.
__________________
(١) في رواية عن أنس أنه قال : قال صلى اللّه عليه وسلم : «سجّين أسفل الأرض السابعة».