(فِيها عَيْنٌ جارِيَةٌ)
أراد عيونا ؛ لأن العين اسم جنس ، والعيون الجارية هنالك كثيرة ومختلفة.
ويقال : تلك العيون الجارية غدا لمن له ـ اليوم ـ عيون جارية بالبكاء (١) ، وغدا لهم عيون ناظرة بحكم اللقاء.
(فِيهَا سُرُرٌ مَّرْفُوعَةٌ (١٣) وَأَكْوَابٌ مَّوْضُوعَةٌ (١٤) وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ (١٥) وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ (١٦))
النمارق المصفوفة في التفسير : الطنافس المبسوطة.
الزرابي المبثوثة في التفسير : البسط المتفرقة.
وإنما خاطبهم على مقادير فهو مهم (٢).
قوله جل ذكره : (أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ)
لمّا ذكر وصف تلك السّرر المرفوعة المشيّدة قالوا : كيف يصعدها المؤمن؟ فقال :
أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت؟ كيف إذا أرادوا الحمل عليها أو ركوبها تنزل؟
فكذلك تلك السّرر تتطامن حتى يركبها الوليّ.
وإنما أنزلت هذه الآيات على وجه التنبيه ، والاستدلال بالمخلوقات على كمال قدرته سبحانه.
فالقوم كانوا أصحاب البوادي لا يرون شيئا إلا السماء والأرض والجبال والجمال ... فأمرهم بالنظر في هذه الأشياء.
__________________
(١) منذ عهد مبكر ظهرت طائفة البكّائين في صفوف الزهاد ، وإن كان بعض الصوفية لا يتحمس البكاء إمّا لأن الدموع علامة شكوى ، وهم لا يحبون أن يشكوا ، وإمّا لأنها تنم عن ضعف الحال ، وهم يتمنون أن يكونوا راسخين كالجبال.
(٢) يتبع هذا فكرة القشيري الأساسية عن وصف الآخرة : الأسماء أسماء ، والأعيان بخلاف ذلك.