وآخر في تصحيح تقواه ، وآخر في تصفية ذكراه ، وآخر في القيام بحسن رضاه ، وآخر في طلب مولاه.
ومنكم : من يجمع بين سعى النّفس بالطاعة ، وسعى القلب بالإخلاص ، وسعى البدن بالقرب ، وسعى اللسان بذكر الله ، والقول الحسن للناس ، ودعاء الخلق إلى الله والنصيحة لهم.
ومنهم من سعيه في هلاك نفسه وما فيه هلاك دنياه ... ومنهم .. ومنهم.
قوله جل ذكره : (فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى فَأَمَّا مَنْ أَعْطى)
(فَأَمَّا مَنْ أَعْطى) من ماله ، (وَاتَّقى) مخالفة ربّه ...
ويقال : (أَعْطى) الإنصاف من نفسه ، (وَاتَّقى) طلب الإنصاف لنفسه (١) ...
ويقال : (اتَّقى) مساخط الله. (وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى) : بالجنة ، أو بالكرّة الآخرة ، وبالمغفرة لأهل الكبائر ، وبالشفاعة من جهة الرسول صلىاللهعليهوسلم ، وبالخلف (٢) من قبل الله ... فسنيسّره لليسرى : أي نسهّل عليه الطاعات ، ونكرّه إليه المخالفات ، ونشهّى إليه القرب ، ونحبّب إليه الإيمان ، ونزيّن في قلبه الإحسان.
ويقال : الإقامة على طاعته والعود إلى ما عمله من عبادته.
(وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى)
أما من منع الواجب ، واستغنى في اعتقاده ، وكذّب بالحسنى : أي بما ذكرنا ، فسنيسره للعسرى ؛ فيقع في المعصية ولم يدبّرها ، ونوقف (٣) له أسباب المخالفة.
ويقال (أَعْطى) أعرض عن الدارين ، (وَاتَّقى) أن يجعل لهما في نفسه مقدارا. (٤)
__________________
(١) من الفتوة أن تتحلّى بالإنصاف وأن تتخلّى عن الانتصاف .. هكذا قال الشيوخ.
(٢) (الخلف) بالمعنى العام : إن الله يرث الأرض ومن عليها ، وبالمعنى الصوفي : «فالذين يهبهم ـ فى حال لفناء والحق ـ فهو عنهم خلف (انظر بسملة الأحقاف من هذا المجلد).
(٣) هكذا في ص وهي في م (ونوفّق) وهي مقبولة أيضا (فالتوفيق) العسرى هو التيسير لها كما في الآية .. بل لعلّها أقرب إلى السياق مما في ص.
(٤) حتى يبتعد عن الأعواض والأغراض ، وينقى قلبه لله وحده.